وفي سنة أربع وستين كان الوباء في الغنم إلى الغاية.
وفي سنة خمس وستين قتل السلطان ألب أرسلان، وقام في الملك بعده ولده ملكشاه، ولقب: جلال الدولة، ورد تدبير الملك إلى نظام الملك، ولقبه: الأتابك، وهو أول من لقبه، ومعناه الأمير الوالد، وفيها اشتد الغلاء بمصر، حتى أكلت امرأة رغيفًا بألف دينار، وكثر الوباء إلى الغاية.
وفي سنة ست وستين كان الفرق العظيم ببغداد، وزادت دجلة ثلاثين ذراعًا، ولم يقع مثل ذلك قط، وهلكت الأموال والأنفس والدواب، وركبت الناس في السفن، وأقيمت الجمعة في الطيار على وجه الماء مرتين، وقام الخليفة يتضرع إلى الله، وصارت بغداد ملقة واحدة، وانهدم مائة ألف دار أو أكثر.
وفي سنة سبع وستين مات الخليفة القائم بأمر الله ليلة الخميس الثالث عشر من شعبان، وذلك أنه افتصد١ ونام، فانحل موضع الفصد، وخرج منه دم كثير، فاستيقظ وقد انحلت قوته، فطلب حفيده ولى العهد عبد الله بن محمد، ووصاه، ثم توفي، ومدة خلافته خمس وأربعون سنة.
مات في أيامه من الأعلام: أبو بكر البرقاني، وأبو الفضل الفلكي، والثعلبي المفسر، والقدوري شيخ الحنفية، وابن سينا شيخ الفلاسفة، ومهيار الشاعر، وأبو نعيم صاحب الحلية، وأبو زيد الدبوسي، والبرادعي المالكي صاحب التهذيب، وأبو الحسين البصري المعتزلي، ومكي صحاب الإعراب، والشيخ أبو محمد الجويني، والمهدوي صاحب التفسير والإفليلي، والثمانيني، وأبو عمرو الداني، والخليل صاحب الإرشاد، وسليم الرازي، وأبو العلاء المعري، وأبو عثمان الصابوني، وابن بطال شارح البخاري، والقاضي أبو الطيب الطبري، وابن شيطا المقرئ، والماوردي الشافعي، وابن باب شاذ، والقضاعي صاحب الشهاب، وابن برهان النحوي، وابن حزم الظاهري، والبيهقي، وابن سيده صاحب المحكم، وأبو يعلى بن الفراء شيخ الحنابلة، والحضرمي من الشافعية، والهذلي صاحب الكامل في القراءات، والفريابي، والخطيب البغدادي، وابن رشيق صاحب العمدة، وابن عبد البر.
١ افتصد: أي قطع عرقًا بقصد الفصادة. مختار الصحاح "٥٠٤".