للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج البزار عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: جئت بأبي قحافة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "هلا تركت الشيخ حتى آتيه"، قال: بل هو أحق أن يأتيك، قال: "إننا نحفظه لأيادي ابنه عندنا"١.

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ما أحد عندي أعظم يدًا من أبي بكر، واساني بنفسه وماله، وأنكحني ابنته".

فصل: في علمه، وأنه أعلم الصحابة، وأذكاهم

قال النووي في تهذيبه، ومن خطه نقلت: استدل أصحابنا على عظم علمه بقوله -رضي الله عنه- في الحديث الثابت في الصحيحين: والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعه. واستدل الشيخ أبو إسحاق بهذا وغيره في طبقاته على أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- أعلم الصحابة؛ لأنهم كلهم وقفوا عن فهم الحكم في المسألة إلا هو، ثم ظهرت لهم بمباحثته لهم أن قوله هو الصواب، فرجعوا إليه.

وروينا عن ابن عمر أنه سئل: من كان يفتي الناس في زمن رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ فقال: أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- ما أعلم غيرهما.

وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري قال: خطب رسول الله -عليه الصلاة والسلام- الناس وقال: "إن الله تعالى خَيَّرَ عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله". فبكى أبو بكر وقال: نفديك بآبائنا وأمهاتنا، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن عبد خيّر، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إن من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقينّ باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر" ٢. هذا كلام النووي.

وقال ابن كثير: كان الصديق -رضي الله عنه- أقرأ الصحابة -أي: أعلمهم بالقرآن- لأنه عليه الصلاة والسلام قدّمه إمامًا للصلاة بالصحابة -رضي الله عنه- مع قوله: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله".

وأخرج الترمذي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لاينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره" ٣.


١ أخرجه البزار "٥٠/٩ مجمع". وقال الهيثمي: وفيه عبد الله بن عبد الملك النهري، ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
٢ أخرجه البخاري "٣٦٥٤/٧"، ومسلم "٢٣٨٢/٤".
٣ أخرجه الترمذي "٣٦٧٣/٥". وقال أبو عيسى: حسن غريب.

<<  <   >  >>