للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج البخاري عن أبي الدرداء قال: كنت جالسًا عند النبي -عليه الصلاة والسلام- إذ أقبل أبو بكر فسلم، وقال: إنه كان بيني وبين عمر بن الخطاب شيء فأسرعت إليه، ثم ندمت فسألته أن يغفر لي، فأبى عليّ، فأقبلت إليك، فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر، ثلاثًا، ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر فلم يجده، فأتى النبي -عليه الصلاة والسلام- فجعل وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمعر ١ حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه، فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم منه، مرتين، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟ " ٢، مرتين، فما أوذي بعدها.

وأخرج ابن عدي من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- نحوه، وفيه: فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لا تؤذوني في صاحبي، فإن الله بعثني بالهدى ودين الحق، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدقت، ولولا أن الله سَمّاه صاحبًا لاتخذته خليلاً، ولكن أخوة الإسلام" ٣.

وأخرج ابن عساكر عن المقدام قال: استبّ عقيل بن أبي طالب وأبو بكر، قال: وكان أبو بكر نسّابًا، غير أنه تحرّج من قرابته من النبي -عليه الصلاة والسلام- فأعرض عنه، وشكا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقام رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في الناس، فقال: "ألا تدعون لي صاحبي؟ ما شأنكم وشأنه؟ فوالله ما منكم رجل إلا على باب بيته ظلمة، إلا باب أبي بكر، فإن على بابه النور، فوالله لقد قلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وأمسكتم الأموال وجاد لي بماله، وخذلتموني وواساني واتبعني" ٤.

وأخرج البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقال أبو بكر: إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنك لست تصنع ذلك خيلاء" ٥.

وأخرج مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ " قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن تبع منكم جنازة" قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ " قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن عاد اليوم منكم مريضًا؟ " قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة" ٦.

وقد ورد هذا الحديث من رواية أنس بن مالك، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فحديث أنس أخرجه البيهقي في الأصل وفي آخره: "وجبت لك الجنة" وحديث عبد الرحمن أخرجه


١ يتمعّر: أي يتغير.
٢ أخرجه البخاري "٣٦٦١/٧".
٣ أخرجه الطبراني في الكبير "١٣٣٨٣/١٢".
٤ أخرجه ابن عساكر في تاريخه "٣٦٣/٥".
٥ أخرجه البخاري "٣٦٦٥/٧".
٦ أخرجه مسلم "١٠٢٨/٢".

<<  <   >  >>