للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَيء المسلمين قليل ولا كثير إلا هذا العبد الحبشي، وهذا البعير الناضج، وجرد هذه القطيفة، فإذا مت فابعثي بهن إلى عمر.

ومنها: أنه أول من اتخذ بيت المال.

أخرج ابن سعد عن سهل بن أبي خيثمة وغيره أن أبا بكر كان له بيت مال بالسنح ليس يحرسه أحد، فقيل له: ألا تجعل عليه من يحرسه؟ قال: عليه قفل، فكان يعطي ما فيه حتى يفرغ، فلما انتقل إلى المدينة حوله فجعله في داره، فقدم عليه مال، فكان يقسمه على فقراء الناس فيسوي بين الناس في القسم، وكان يشتري الإبل والخيل والسلاح فيجعله في سبيل الله، واشترى قطائف أتى بها من البادية ففرقها في أرامل المدينة، فلما توفي أبو بكر ودفن دعا عمر الأمناء ودخل بهم في بيت مال أبي بكر منهم عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، ففتحوا بيت المال فلم يجدوا فيه شيئًا لا دينارًا ولا درهَمًا١.

قلت: وبهذا الأثر يرد قول العسكري في الأوائل: إن أول من اتخذ بيت المال عمر، وإنه لم يكن للنبي -صلى الله عليه وسلم- بيت مال، ولا لأبي بكر -رضي الله عنه- وقد رددته عليه في كتابي الذي صنفته في الأوائل، ثم رأيت العسكري تنبه له في موقع آخر من كتابه، فقال: إن أول من ولي بيت المال أبو عبيدة بن الجراح لأبي بكر.

ومنها: قال الحاكم: أول لقب في الإسلام لقب أبي بكر، رضي الله عنه: عتيق.

فصل

أخرج الشيخان عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا". فلما جاء مال البحرين بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال أبو بكر: من كان له عند النبي -صلى الله عليه وسلم- دين أو عدة فليأتنا، فجئت وأخبرته، فقال: خذ، فأخذت، فوجدتها خمسمائة، فأعطاني ألفًا وخمسمائة٢.

فصل: في نبذ من حلمه وتواضعه

أخرج ابن عساكر عن أنيسة قالت: نزل فينا أبو بكر ثلاث سنين قبل أن يستخلف، وسنة بعدما استخلف، فكانت جواري الحي يأتينه بغنمهن فيحلبهن لهن.

وأخرج أحمد في الزهد عن ميمون بن مهران قال: جاء رجل إلى أبي بكر فقال: السلام عليك يا خليفة رسول الله! قال: من بين هؤلاء أجمعين.

وأخرج ابن عساكر عن أبي صالح الغفاري: أن عمر بن الخطاب كان يتعهد عجوزًا كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل، فيسقي لها ويقوم بأمرها، فكان إذا جاءها وجد


١ أخرجه ابن سعد في الطبقات "١٧٢،١٧١/٢" بنحوه.
٢ أخرجه البخاري "٢٢٩٦/٤" ومسلم "٢٣١٤/٤".

<<  <   >  >>