للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج البيهقي عن عقبة بن عامر: أن عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة بعثاه يريدا إلى أبي بكر برأس بنان بطريق الشام، فلما قدم على أبي بكر أنكر ذلك، فقال له عقبة، يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم يصنعون ذلك بنا، قال: أفيستنان بفارس والروم، لا يحمل الرأس إنما يكفي الكتاب والخبر.

وأخرج البخاري عن قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم؟ فقالوا: حجت مصمتة، قال لها: تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتلكمت، فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين، قالت: أي المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: من أي قريش؟ قال: إنك لسئول، أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟ قال: أو ما كان لقومك رءوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى قال: فهم أولئك الناس١.

وأخرج البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يومًا بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال الغلام: تدري ما هذا؟ قال أبو بكر: ما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته فلقيني، فأعطاني هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده، فقاء كل شيء في بطنه٢.

وأخرج أحمد في الزهد عن ابن سيرين قال: لم أعلم أحدًا استقاء من طعام أكله غير أبي بكر، وذكر القصة.

وأخرج النسائي عن أسلم: أن عمر اطلع على أبي بكر وهو آخذ بلسانه، فقال: هذا الذي أوردني الموارد.

وأخرج أبو عبيدة في الغريب عن أبي بكر أنه مر بعبد الرحمن بن عوف وهو يماظ جارًا له فقال له: لا تماظ جارك، فإنه يبقى ويذهب عنك الناس، المماظة: المنازعة والمخاصمة.

وأخرج ابن عساكر عن موسى بن عقبة: أن أبا بكر الصديق كان يخطب فيقول: الحمد الله رب العالمين، أحمده وأستعينه، ونسأله الكرامة فيما بعد الموت فإنه قد دنا أجلي وأجلكم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا وسراجًا منيرًا؛ لينذر من كان حيًّا ويحق القول على الكافرين، ومن يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد ضل ضلالاً مبينًا، أوصيكم بتقوى الله والاعتصام بأمر الله الذي شرع لكم وهداكم به، فإن جوامع هدى الإسلام بعد كلمة الإخلاص السمع والطاعة لمن ولاه الله أمركم فإنه من يطع الله وأولي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أفلح وأدى الذي عليه من الحق، وإياكم واتباع الهوى، فقد أفلح من حفظ من الهوى والطمع والغضب.


١ أخرجه البخاري "٣٨٣٤/٧".
٢ أخرجه البخاري "٣٨٤٢/٣".

<<  <   >  >>