للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج عبد الله في زوائد الزهد عن عبيد بن عمير، عن لبيد الشاعر: أنه قدم على أبي بكر فقال: ألا كل شيء ما خلا الله باطل، فقال صدقت، فقال: وكل نعيم لا محالة زائل، فقال: كذبت، عند الله نعيم لا يزول، فلما ولي قال أبو بكر: ربما قال الشاعر الكلمة من الحكمة.

فصل: في كلماته الدالة على شدة خوفه من ربه

أخرج أبو أحمد الحاكم عن معاذ بن جبل قال: دخل أبو بكر حائطًا وإذا بدبسي١ في ظل شجرة، فتنفس الصعداء، ثم قال: طوبى لك يا طير! تأكل من الشجر، وتستظل بالشجر، وتصير إلى غير حساب، يا ليت أبا بكر مثلك.

وأخرج ابن عساكر عن الأعصمي، قال: كان أبو بكر إذا مدح قال: اللهم أنت أعلم مني بنفسي، وأعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون.

وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني، قال: قال أبو بكر الصديق: لوددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن.

وأخرج أحمد في الزهد عن مجاهد، قال: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع، قال: وحدثت أن أبا بكر كان كذلك.

وأخرج عن الحسن قال: قال أبو بكر: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد.

وأخرج عن قتادة قال: بلغني أن أبا بكر قال: وددت أني خضرة تأكلني الدواب.

وأخرج عن ضمرة بن حبيب قال: حضرت الوفاة ابنًا لأبي بكر الصديق، فجعل الفتى يلحظ إلى وسادة، فلما توفي قالوا لأبي بكر: رأينا ابنك يلحظ إلى وسادة، فدفعوه عن الوسادة، فوجدوا تحتها خمسة دنانير أو ستة، فضرب أبو بكر بيده على الأخرى يرجع ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا فلان ما أحسب جلدك يتسع لها.

وأخرج عن ثابت البناني. أن أبا بكر كان يتمثل بهذا الشعر:

لا تزال تنعى حبيبًا حتى تكونه ... وقد يرجو الفتى الرجا يموت دونه

وأخرج ابن سعد عن ابن سيرين قال: لم يكن أحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- أهيب لما لا يعلم من أبي بكر، ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهيب لما لا يعلم من عمر، وإن أبا بكر نزلت فيه قضية فلم يجد لها في كتاب الله أصلًا، ولا في السنة أثرًا، فقال: أجتهد رأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني وأستغفر الله.


١ الدبسي: هو طائر صغير قيل: هو ذكر اليمام وقيل: إنه منسوب إلى طير دبس.

<<  <   >  >>