للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنوا المدائن وحصنوها؟ أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب؟ قد تضعضعت أركانهم حين أخنى بهم الدهر١ وأصبحوا في ظلمات القبور! الوحا الوحا ثم النجاء النجاء٢.

وأخرج أحمد في الزهد عن سلمان قال: أتيت أبا بكر، فقلت: اعهد إلي فقال: يا سلمان، اتق الله، واعلم أنه سيكون فتوح فلا أعرفن ما كان حظك منها ما جعلته في بطنك أو ألقيته على ظهرك، واعلم أنه من صلى الصلوات الخمس، فإنه يصبح في ذمة الله، ويمسي في ذمة الله تعالى، فلا تقتلن أحدًا من أهل ذمة الله فتخفر الله في ذمته٣ فيكبك الله في النار على وجهك.

وأخرج عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: يقبض الصالحون الأول فالأول حتى يبقى من الناس حثالة كحثالة التمر والشعير، لا يبالي الله بهم.

وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن معاوية بن قرة: أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كان يقول في دعائه: اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم لقائك.

وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن، قال: بلغني أن أبا بكر كان يقول في دعائه: اللهم إني أسألك الذي هو خير لي في عاقبة الأمر، اللهم اجعل آخر ما تعطيني من الخير رضوانك والدرجات العلا من جنات النعيم٤.

وأخرج عن عرفجة قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: من استطاع أن يبكي فليبك، وإلا فليتباك.

وأخرج عن عزرة عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: أهلكنا الأحمران: الذهب، والزعفران.

وأخرج عن مسلم بن يسار عن أبي بكر قال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء، حتى في النكبة وانقطاع شسعه٥، والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في غبنه٦.

وأخرج عن ميمون بن مهران، قال: أتى أبو بكر بغراب وافر الجناحين، فقلبه ثم قال: ما صيد من صيد ولا عضدت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح.

وأخرج البخاري في الأدب وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الصنابحي: أنه سمع أبا بكر يقول: إن دعاء الأخ لأخيه في الله يستجاب٧.


١ أخنى بهم الدهر: أي أسلمهم وأخفر ذمتهم. النهاية في غريب الحديث "٨٦/٢".
٢ أخرجه أبو نعيم في الحلية "٣٤/١".
٣ فتخفر الله في ذمته: أي تنقض عهده وذمامه وفعله الماضي: أخفر والهمزة للإزالة أي: أزلت خفارته، والخفارة: الحماية والكفالة. والخفارة: الذمام. انظر النهاية في غريب الحديث "٥٢/٢".
٤ أخرجه أحمد في الزهد "ص: ١٣٩".
٥ الشسع: أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الأصبعين. النهاية "٤٧٢/٢".
٦ أخرجه أحمد في الزهد "ص: ١٣٦".
٧ أخرجه البخاري في الأدب المفرد "ح٤٨٦"، وأحمد في الزهد "ص: ١٣٨".

<<  <   >  >>