للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس في النصارى - يرحمك الله - / (١/٣١/ب) من يُقِلُّ اللعن عن اليهود أو يقدر يسمع باسم الإسخريوطي، وهذه المؤاخذات واردة على الأصل الفاسد الذي أَصَّلوه، فإن أَبَوْا إلاّ لعن اليهود ومقت يهوذا فليتطيَّروا بجهة المشرق لكونها عَمَّتْهم بالشر وسقتهم بالكأس المرّ، وإلاّ فكيف يذمّ اليهود وتمدح الجهة وكلاهما مشؤوم؟! وما أحسن لعن [إله] ١ تقتله اليهود، [ورب] ٢ تغلبه إخوان القرود.

٢٠- دليل آخر على عبوديته وحدثه وأنه آدمي محض وإنسان صرف: اعلم أوّلاً أن تعاقب الأحوال من التغير والزوال والتفريغ والإشغال، والسكون والحركات والاختصاص بالمقادير والهيئات، هي الأدلة على حدث أجسام العالم.

ولا خلاف بين النصارى أن المسيح عليه السلام ولدته أمه في بيت لحم في أرض يهوذا ولفتة ووضعته في الخرق في معلف وأرضعته ثديها وأفرشته حجرها وتولت تأديبه ونشأ نشوء الآدميين، لم يتميّز عنهم في حال من الأحوال من صغره إلى حين ابتداء الدعوة، قد عُرف طوله وقدره ولونه وكميته واعتذى بالطعام وانتقل من مكان إلى مكان ونحن نعلم / (١/٣٢/أ) أنه كان إذا نزل أورشليم فقد فارق الناصرة، وإذا أقام بالناصرة فقد خلت منه أورشليم، وأنه ولد في دولة هيرودس ملك اليهودية، وأن مريم فرت به إلى مصر خوفاً من هيرودس ثم أعادته إلى الشام حين هلك أعداؤه، وأنه عاش نيفاً وثلاثين سنة يتعلم العلم ويقرأ التوراة ونبوات الأنبياء ويركب الحمير ويزجي٣ الأوقات من الأقوات باليسير الحقير ويلجأ إلى الله في حوائجه ومآربه. ويدعوه إذا أعوزته وجوه


١ في ص إلهاً وما أثبته الموافق لقواعد النحو.
٢ في ص ورباً، وما أثبته الموافق لقواعد النحو.
٣ زَجَّى الشيء: دفعه برفق، يقال: كيف تُزَجِّي الأيام؟ أي: كيف تدافعها، وتَزَجَّى بكذا: اكتفى به. ر: مختار الصحاح ص ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>