للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الخامس: في أنّ المسيح عليه السلام وإن قُصدَ وطُلبَ فما قُتلَ وما صُلبَ

نورد هذا الفصل على نصّه لتقفوا عليه وتعجبوا من هذه النقائص التي نسبها النصارى إلى المسيح مع قولهم بربوبيته واعتقادهم أنه خالق السماء والأرض وجامع الناس ليوم العرض١.

قال النصارى: بينما بسوع [جالس] ٢ مع تلاميذه ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر نيسان إذ جاء يهوذا الإسخريوطي أحد الاثني عشر ومعه جماعة معهم السيوف والعصي من عند رؤساء الكهنة ومشائخ الشعب وقد قال لهم يهوذا: الرجل الذي أُقبله هو هو فأمسكوه، ثم جاء يهوذا وقال / (١/١٢٠/أ) : السلام عليك يا معلم، ثم قبله فقال يسوع: ألهذا جئت يا صاحب؟ فوضعوا أيديهم عليه وربطوه٣ فتركه التلاميذ كلهم هربوا فقال يسوع: مثل ما يفعل بالصوص خرجتم إليَّ بالسيف والعصى وأنا عندكم في الهيكل كل يوم أُعلم


١ إننا نعجب ونستنكر - أيضاً - من تناقض الأناجيل بعضها ببعض في سرد الأحداث التي جرت قبل الصلب وبعده وأحداث قيامة المسيح من الموت - حسب زعمهم - وأمام هذه التناقضات الواضحة - فيما سنرى - لا يسع العاقل إلاّ أن يرفض تلك الروايات المكذوبة المتناقضة ويحكم ببطلانها جميعاً لعدم إمكان تمييز الصادق والكاذب منها.
٢ في ص (جالسا) والصواب ما أثبته.
٣ إن حادثة القبض على المسيح عليه السلام ترويها الأناجيل بصورة متناقضة مع بعضها، فقد اتّفقت روايتا متى ٢٦/٤٧-٥٠، ومرقس ١٤/٤٣-٤٦ على أنّ يهوذا الإسخريوطي الخائن قد قبل المسيح حينما جاء بالجند للقبض عليه - وقد كانت القُبلة هي العلامة المتّفق عليها بين يهوذا والجند لتمييز المسيح عن تلاميذه -.
أما رواية لوقا ٢٢/٤٧، ٤٨، فتذكر بأنه: "بينما هو - أي: المسيح - يتكلم إذا جمع والذي يدعي يهوذا أحد الاثني عشر يتقدمهم، فدنا من يسوع ليقبله فقال له: يسوع: يا يهوذا. أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟! ... فأخذوه وساقوه".
وأما رواية يوحنا ١٨/١-١٢، فإنها لا تذكر شيئاً عن تلك القبلة. (ر: نصّ رواية يوحنا في ص ٢٢٣) .
ويظهر تناقض آخر في هذه الحادثة وهو: أن كلاً من متى ومرقس يذكران أنّ تحية وكلاماً قد جرى بين يهوذا والمسيح أثناء القبض، بينما يصمت لوقا عن ذكر تلك التحية، ولا يذكر يوحنا عن يهوذا شيئاً سوى الصمت التام بعد أن قاد الجند إلى مكان المسيح للقبض عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>