للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فبيَّن الحواري أن بنوة الله عبارة عن طاعته وأن من لم يطع الله / (١/٨٣/ب) فليس يصلح لهذه البنوة ولا تليق به، وساوى بين نفسه وبين المسيح في هذه البنوة. فلم يبق بعدها للنصارى باقية، ولم تقم لهم في تخصيص المسيح بالبنوة قائمة. وقد عبَّر يوحنا الإنجيلي عن هذه البنوة بالطاعة والاستقامة، وذكر أن مَن كان منحرفاً عن خدمة الله لم يصلح لهذه البنوة، فقال في الفصل الثالث من رسالته الأولى: "اعملوا أن كل من ولد من الله فلن يعمل خطيئة من أجل أن زرعه [ثابت] ١ فيه فلا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله وبهذا نتبيّن أبناء الله من أبناء الشيطان فكل من لا يعمل البر فليس هو من الله"٢.

فالمسيح عزوجل ويعقوب وداود ومن مضى من أولياء الله وأنبيائه لما تحققوا بخدمة الله وسارعوا إليها أطلق اللسان العبراني عليهم هذه التسمية تشريفاً له ولا مزية للمسيح على غيره في ذلك.

وقال فولس الذي يسمونه فولس الرسول وهو المفرس العالم الذي لهم في رسالته إلى ملك الروم: "أن الروح تشهد لأرواحنا أنا أنباء الله وإذا كنا أبناءه فنحن ورثته / (١/٨٤/أ) أيضاً". وقال فولس في هذه الرسالة: "إن البرية كلها تترجى ظهور أبناء الله"٣.

قال المؤلِّف: إن كان هذا الكلام صحيحاً، فالمسلمون أحق بهذه التسمية فإنهم الذين ملأوا الأرض ونفعوا البرايا والأمم بما أرشدوهم إليه من طاعة الله، وعلموهم من توحيده، وشرعوا لهم من أحكامه، وتحقق رجاء البرية بما أفادهم المسلمون من مصالح دينهم ودنياهم.


١ في ص (ثابتا) والصواب ما أثبته.
٢ رسالة يوحنا الأولى ٣/٩، ١٠.
٣ رسالة بولس إلى أهل رومية ٨/١٦-١٩، وقد وهم المؤلِّف في قول إنها رسالة بولس إلى ملك الروم.

<<  <  ج: ص:  >  >>