للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن [هذى] ١ هاذ منهم وقال: فإذا لم يكن له بُدُّ من أبٍ، فمن أبوه؟!.

قلنا له: إذا لم يكن لآدم بُدُّ من أبٍ، فمن أبوه؟!، فإذا قالوا: إن آدم خلقه الله آية وأعجوبة إذ خلقه من غير تناسل وتوالد، قلنا: وكذلك المسيح خلقه الله تعالى آية وأعجوبة إذ خلقه من [غير أب] ٢، فكم خلق الله سبحانه من الحيوان من غير توالد وتناسل معروف، وقد ابتدأ الله العالم بأسره لا عن مثال سبق، فأي آيات الله تنكرون٣؟!.

واعلم أن إطلاق المسيح لفظ: (النبوة) جرى فيه على عادة من تقدمه من بني إسرائيل، فإنهم كانوا يطلقون هذه البنوة والربوبية والألوهية على المعظمين في الدين والمدبرين للأمم كقول التوراة: "إسرائيل ابني بكري"، وكقول المزامير: "داود ابني حبيبي"، وقوله للأكابر من بني إسرائيل: "أنا قلت: إنكم آلهة وبني العلاكلكم تدعون"، وقول شعيا: "توصوا بي في بني وبناتي". وقول أشعيا: "إني رببت أولاداً حتى نشأوا وكبروا".

فحال المسيح منسج على منوال من سبقه. فقال: "أنا ذاهب / (١/٨٨/أ) وأبيكم". غير أن هذه اللفظة لم تأت إلاّ ومعها لفظ العبودية ليزول الإيهام ويحصل التشريف والإنعام، والدليل على ما قلناه من بنوة شعيا النبي عليه السلام: "إن الله تعالى تهدد بني إسرائيل على جرم فعلوه، فلما خافوا نزول العقوبة قالوا في دعائهم: الله ترأف علينا، وأقبل بوجههك إلينا، ولا تصرف


١ في ص (هذا) والصواب ما أثبته. والهذيان هو: الكلام غير المعقول لمرض أو غيره. (ر: القاموس ص ١٧٣٤) .
٢ في ص: (غراب) ، وفي ش: (من تراب) ، اقتباس من قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ... } . الآية. لكن فيه ما فيه، كأن العبارة من غراب أو من تراب. اهـ.
قلت: الصواب ما أثبته. فهو الموافق لسياق الكلام، والتحريف حصل من الناسخ.
٣ اقتباس من قوله تعالى: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} .] سورة غافر، الآية: ٨١ [.

<<  <  ج: ص:  >  >>