للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

التلاميذ: لم لم نقدر نحن على إخراجه؟ قال يسوع: إن هذا الجنس لا يستطاع إلاّ بصوم وصلاة، وخرج يسوع من هناك إلى الجليل مستتراً"١.

قلت: إن قدح اليهود في هذه الآية، قيل لهم: ألم ترووا/ (١/٩٣/أ) لنا: "أن موت الفجأة وقع في بني إسرائيل بغتة فقتل منهم أربعة وعشرين ألفاً وسبعمائة رجل، فأمر موسى هارون أن يضع في المجمرة بخوراً وقام بين الأموات والأحياء فأمسك الموت الفاشي عن بعضهم"٢.؟!

فما الدليل على صحة ما نقلتم من هذه الآية ولعلها زور وكذب ومينٌ٣ وإفك؟ فإذا قالوا: قد ثبت أن الناقلين لهذه الآية انتهوا في الكثرة إلى حد يستحيل مهم التواطؤ على الكذب، قيل لهم: وكذلك آية المسيح نقلها من يستحيل تواطؤهم على الباطل فاستوت الحال.

وإن زعم النصارى أن ذلك يصلح للدلالة على ربوبويته، قيل لهم: لا تتعرضوا للاستدلال بهذه القصة على ربوبية المسيح البته، فهي من إحدى الشواهد على عبوديته وبيانه من وجوه:

أحدها: قوله لأبي الصبي: "مذن كم أصابه الجني"، فإن ذلك مشعرٌ بعدم علمه بالزمن الذي علقه الجني فيه، إذ لو كان ربّه وإلهه كما يزعم النصارى لكان هو الذي ابتلاه ولَمَا عَلِقَه الجني دون إذنه وعلمه، فعدم علمه بالوقت الذي لبسه فيه دليل / (١/٩٣/ب) على عبوديته، إذا الغيب لا يعلمه إلاّ الله


١ مرقس ٩/١٧-٣٠.
٢ سفر العدد ١٦/٤٢-٥٠، في سياق طويل، وقد ذكره المؤلِّف مختصراً، وقد ورد في النّصّ أن الذين قتل من بني إسرائيل أربعة عشر ألفاً وسبعمائة، وليس كما ذكره المؤلِّف، والظاهر أنه تحريف من الناسخ.
٣ المين: الكذب، وجمعه: (ميون) . (ر: الصحاح ص ٦٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>