للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قالوا: إن إماتة المسيح سفه وعبث. فقد نسبوا الرّبّ الأزلي إلى السفه والعبث، ويتعالى عن ذلك.

وإن قالوا: إن إماتته فضل وحكمة، ولكن لَعْن اليهود ويهوذا متعيّن؛ لأن ذلك كَسْبُهم وإن وافقوا الفضل والحكمة وصادفوا ذلك مصادفة.

قلنا لهم: أزريتم على المسيح غاية الإزراء، إذ زعمتم أنه قال على الصليب: "إلهي إلَهي كيف تركتني وخذلتني؟ "١. وقال أيضاً: "إن كان يحسن / (١/١٥١/أ) صرف هذا الكأس عني فاصرفها"٢. فلزم بمقتضى قولكم أنه قد تطير بهذا الفضل والحكمة، والتمس البقيا وترك هذا الفضل، وذلك فيما زعمتم سفه يناقض الحكمة.

ثم يقال لهم: أخبرونا لو لم يتب آدم ولقي الله بخطيئته، هل كان قتل المسيح يستقل بخلاصه؟!.

فإن قالوا: لا. أحالوا الخلاص إلى التوبة دون قتل المسيح.

وإن قالوا: نعم في دم المسيح وفاء بالخلاص. وإن لم يتب آدم [وبنوه] ٣، أخلوا التوبة عن الفائدة، ولزم أن يكون كل فاجر وقاتل وظالم خلصوا، فإن التزموا ذلك قيل لهم: فيهوذا الإسخريوطي وفرعون ونمرود وأشباهم قد خلصوا أيضاً، وليس في النصارى من يتجاسر على البوح بذلك، وهو لازم لهم على مقتضى قولهم هذا.

فإن قالوا: بل الخلاص بمجموع الأمرين بالتوبة ودم المسيح. قلنا: كأنكم لا ترون دم المسيح مكافئاً لآدم ما لم تنضم إليه التوبة، وهذا تصريح منكم


١ متى ٢٧/٤٦، مرقس ١٥/٣٤.
٢ متى ٢٦/٢٩، مرقس ١٤/٣٦، لوقا ٢٢/٤٢.
٣ في ص (بنيه) والصواب ما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>