للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال عليه السلام / (١/١٨٠/ب) "بعثت إلى الأحمر والأسود، لو أدركني موسى وعيسى ولم يتبعاني لأكبهما الله في النار"١. وذلك الذي يوضح أنه عليه السلام المراد في التوراة على لسان يعقوب. وقد نصت الأنبياء في نبواتهم على أن هذا النبيّ المنتظر يكون خاتم الأنبياء، وسنذكر ذلك في الباب الأخير.

أما ما يتعيّن تأويله: فقوله: "ربط بالحبلة جحشة"، فتأويله بعض أصابنا فقال: يشد الحمار بالشجرة - ثم قال - الحمار هم اليهود والشجرة هم أصحاب النبيّ عليه السلام، قال: وشاهد ذلك من القرآن والتوراة. قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّورَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} . [سورة الجمعة، الآية: ٥] . فَشَبَّه اليهود بالحمار. وقال تعالى في التوراة: "أخرجت شجرة من مصر ثم فرعتها في جميع الدنيا"٢. يعني: بالشجرة أصحاب موسى وكذلك أصحاب محمّدأيضاً شجرة بهذا الاعتبار، وكأنه يقول: يربط الكفار بأصحابه وأهل بيته، قال الله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُم فَشُدُّوا الوَثَاق} . [سورة محمّد، الآية: ٤] .


١ لم أعثر عليه بهذا اللفظ، ولكن ورد معناه بلفظ آخر، فقد أخرج الإمام مسلم ١/٣٧١، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي كان كلّ نبيّ يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كلّ أحمر وأسود ... " الحديث. وأخرجه ابن سعد ١/١٩١، عن أبي جعفر مرسلاً بلفظ: "بعثت إلى الأحمر والأسود". وأخرج الإمام أحمد ٣/٣٨٧، وابن أبي شيبة ٥/٣١٢، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبرونكم بحقّ فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى عليه السلام كان حيّاً ما وسعه إلاّ أن يتبعني". وقد تقدم تخريجه. (ر: ص ٢١) .
٢ ورد النّصّ في مزمور ٨٠/٨، ٩، كالآتي: "كرمة من مصر نقلت. طردت أمماً وغرستها. هيأت قدامها فأصَّلت أصولها فملأت الأرض". ولعل المؤلِّف قصد بقوله: "إن النّصّ في التوراة" العهد القديم وكتب الأنبياء. وذلك من باب إطلاق الجزء على الكلّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>