والجواب: أنه لم يُسلَّم لكم هذه الدعاوى سوى هذه الأمة البارة وهي أمة محمّد صلى الله عليه وسلم، فلولا محمّد عليه السلام شهد لأخيه عيسى بالرسالة والنبوة لما عَرَّج أحد اليوم على أقوالكم ولا وثق بروايتكم، وإلاّ فما بال بني إسرائيل على كثرتهم لم يصدقوكم بما تنقلون؟! هذا وأنتم تنقلون عن أمور محسوسة إذا وقعت لم تكد تخفى.
فإن قالوا: إن اليهود لعداوتهم لنا تمالؤوا على ستر هذه الخوارق بغياً وحسداً.
قلنا لهم: فما بال من عدا اليهود من الأمم والطوائف كالفرس والديلم والترك والهنود والصين لم يصدقوكم على ذلك ويتّفقوا١ على دينكم ويتابعوكم على معتقدكم / (٢/١٢/ب) وقد أَرَّخَ الناس أخبار العالم وحوادثه ودَّنوا في كتبهم عجائبه؟!.
فما بال العالم يُكذبكم ويقولون: إن يسوعكم لم يحي مَيِّتاً قط، ولا أقام زمناً ألبتة، ولا طَهَّر أبرص أصلاً. وإن جميع ما تنقلونه من ذلك كذب ومين وإفك واختلاق لا أصل له ولا صحة. فلولا محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد بصدق أخيه المسيح، وأخبر أنه أحيا الميّت، وأبرأ الأكمه والأبرص، وخلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله - لما عَرَّج أحد على أمثالكم وأشباهكم.
فأما بقية الآيات التي تدعونها فإن ثبت أن نبيّنا صلى الله عليه وسلم أخبرنا بها أو أخبرنا صادق آخر من الأنبياء المتقدمين شيء منها سمعناه وآمنا به وصدقناه وكان عندنا عَلَماً من أعلام نبوته عليه السلام، فأما أنتم فإنا لا نصدقكم فيما تنقلون عن الأنبياء بعد وقوفنا على تخليطكم في منقولكم، وفساد عقولكم وقبولها لكلّ مستحيل، ألستم الذين تنقلون عن يوحنا الإنجيلي: "أن