للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أعجب من ستر المسيح بالغمامة ومعه نفر يسيرة.

وأما شفاء المجنون من جنونه١، فالتوراة تشهد أن موت الفجأة وقع في بني إسرائيل فقتل منهم في يوم واحد آلافاً منهم، فأخذ هارون / (٢/١٦/أ) البخور في مجمرة وقام بين الأموات والأحياء، فكفّ الموت عن بقيتهم٢، وما الجنون إلاّ مرض أصاب العقل، وهو دون مرض جملة البُنية. وكذلك نهشتهم الحيات في التيه فاتّخذ لهم حية من نحاس، فكان كلّ من لدغته حية جاء إلى الحية النحاس فيبرأ من علته٣، فهاتان الآيتان من التوراة أعجب من فعل المسيح.

وأما إجابة دعوته٤، فالتوراة تشهد بأن إسحاق حين كبر وقرم إلى اللحم وقضى أولاده شهوته دعا ليعقوب وعيسى فاستجيب فيهما٥. وكذلك قالت: إن يعقوب بارك ودعا لأولاده عند وفاته، فلم ترد دعوته٦، ومما أخبر يعقوب تلميذ المسيح في رسالته: أن إلياس دعا على قومه فلم تمطر السماء ثلاث سنين وستة أشهر. ثم دعا بعد ذلك فزال الجدب٧. وهذا أعجب من فعل المسيح وأغرب. وقد بقيت للأنبياء آيات لم يأت المسيح عليه السلام بنظيرها فنسمع بتسطيرها. والله أعلم.


١ مرقس ١/٢١-٢٨، يوحنا ٤/٣١-٣٧، متى ٩/٣٢-٣٤، ١٢/٢٢-٣٧.
٢ عدد ١٦/٤١-٥٠.
٣ عدد ٢١/٦-٩.
٤ ورد أن المسيح دعا الله لأجل إحياء لعازر في إنجيل يوحنا ١١/١-٤٦، ودعا لأجل إطعام الكثير من الطعام القليل في إنجيل متى ١٤/١٥-٢١، وغير ذلك.
٥ تكوين الإصحاح (٢٧) .
٦ تكوين الإصحاح (٤٩) .
٧ رسالة يعقوب ٥/١٧، ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>