للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بدمه قد أحببت الممات لموتك، أسألك بالمسامير١ التي سمّرت بهم. نجّني يا الله"٢.

هذه القراءة وإن كانت تصلح لتعاليق المجان ومن يعتن بالأضاحيك فلا بُدّ أن نبيّن مراد النصارى بها، ومرادهم: أن آدم أبيح له كلّ شجر الجنة وقيل له: كُلْ مَا أحببت خلا شجرة معرفة الخير والشّرّ؛ فإنك في اليوم الذي تأكل تموت موتاً. قالوا: فلما أكل وخالف أمر ربّه وجب في حكم الله تعالى أن يميته موت الخطيئة لا موت الطبيعة؛ إذ سبق في علم الله أنه لا يفرغ العالم من نسله. فلما ورد عليه العتاب والتوبيخ أسف وندم على ما فعل. وأنه تعالى تاب عليه وبقي في عهدة قوله السابق / (٢/٩٠/ب) فلطف له وبعث المسيح فصام بدلاً من توسع آدم في تناول الشجرة. وصلب على خشبة بدلاً من تيك الشجرة. وسمّرت يداه بالجذع لامتدادها إلى الثمرة المنهي عنها. وسقي المرار لالتذاذ آدم بحلاوة ما أكله من الجنة. ومات بدلاً عن الموت الذي كان الله يهدد به آدم. وهذه دعوى لا برهان لهم عليها ولو ادّعاها بعض الناس لبعض من صلب في الدنيا قَبل المسيح أو بعده لما وجد النصارى إلى ردّ ذلك سبيلاً. وليس - وعزة الله - لما لفقوه من ذلك أصل في كتب الله لا في العتيقة ولا في الجديدة٣.

وقولهم: "خرق العهدة التي كتبت فيها خطايانا وخلصنا". وذلك أنهم يعتقدون أن خطيئة آدم التي جناها على نفسه قد شمل وزرها وتبعتها سائر ولده حقباً بعد حقبٍ وقرناً بعد قرنٍ إلى مجيء المسيح. وقد أبطلنا ذلك فيما تقدم وتلونا ما ورد في التوراة والإنجيل والمزامير مما يكذب هذه الدعوى٤.


١ ليست في م.
٢ ورد معنى هذه القراءة في كتاب العبادات المسيحية ص ٦٦. تحت عنوان: (صلاة الساعة السادسة) .
٣ يقصد المؤلِّف أسفار العهد القديم وأسفار العهد الجديد.
٤ ر: ص: ٣٧٢، ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>