للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولهم: "ثالوثاً واحداً". فلا تظن أنهم يعتقدون أنها صفات للذات بل مرادهم أن الآلهة ثلاثة فقط بغير رابع. والدليل عليه إفراد كل واحد منهم بالذكر والتعبد والسؤال كما شهدت به الصلوات والأمانة التي لهم والتسابيح. ولو كانوا يردون ذلك إلى أنهم صفات للذات لاقتصروا على إفراد / (٢/٩٥/أ) الله تعالى بالذكر كما أفرد موسى عليه السلام والأنبياء - عليهم السلام -. فهل تجدون في التوراة والنبوات للتثليث ذكراً ألتبة؟ على أن النصارى قد عبدوا بني آدم، ألا تراهم كيف يقرؤون في الصلاة: "تعالوا نسجد تعالوا نتضرع للمسيح إلهنا". والمسيح هو المولود الذي ولدته مريم - عليهما السلام -.

٩٤- فضيحة أخرى: النصارى يقرؤن في صلاة نصف الليل وهي الثامنة: "تبارك الرّبّ إله آبائنا وفوق المتعالي إلى الدهر. تبارك١ مجدك القدوس فوق المسيح وفوق المتعالي إلى الدهر. مبارك أنت فوق المسيح وفوق المتعالي إلى الدهر"٢. وكرروا هذه الفوقية في هذه الصلاة دفعات. فوصفوا الله تعالى بأنه فوق المسيح وفوق مَن هو أعلى من المسيح وذلك مناقض لما قرؤوه في صلاة النوم إذ قالوا فيها: "إن المسيح نطير الله في الابتداء وإن روح القدس مساويه في الكرامة". فإن كان الله فوق المسيح بطل قولهم أنه نظيره. وإن كان المسيح نطيره بطل أن يكون فوقه. / (٢/٩٥/ب) فلا بدّ من إبطال أحد القراءتين ضرورة الوفاء٣ بالأخرى.

ثم نقول لهم: أليس أقنوم الوجود وأقنوم الحياة وأقنوم العلم متساوية في الأزلية والقِدَم واستحقاق الربوبية. فما الذي خصص أحدهم بالفوقية دون الآخرين وليس مقدماً عليهم؟.


(تبارك مجد ... إلى آخر الصلاة) ليست في (م) .
٢ ورد معنى هذه القراءة في كتاب: (ترانيم ومدائح منتخبة ص ٣٣، ٣٤) .
٣ في م: بالوفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>