للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أن النصارى قالوا: إنه تكلم في المهد وخلق من الطين كهيئة الطير كما يقول فيه المسلمون لوجدوا شعباً / (٢/٩٧/ب) يستريحون إليه ساعة وساعة.

وإن قالوا: إنه إنما صار مسيحاً وابناً بمعمودية يوحنا، فقد اعترفوا بأن مريم لم تلد الابن المسيح في الحقيقة وإنما هي امرأة ولدت طفلاً من أطفال بني آدم. وحينئذٍ تكون بنوة المسيح مجرد تسمية لا غير. ويستوي حاله وحال من تَقَدَّمه في هذه التسمية من بني إسرائيل. وإن قالوا: إنما اتّخذه الله مسيحاً وابناً لأنه أطاعه١ طاعةً لم يطعها أحد قبله. وعبده عبادة لا يتصور أن يبلغها أحد. فنقول: كيف ذلك وإنما أطاع الله تعالى منذ عقل وبلغ مبالغ الرجال. وذلك دون [العشرين] ٢ سنة وأنتم حكيتم لنا في التوراة أن موسى عليه السلام عَمَّر مائة وعشرين سنة٣. فإذا طرحنا سِنَّ الصبي كان عمر المسيح خُمْس عمر موسى. وإذا كان الأمر كذلك فقد زادت أعمال موسى وطاعاته٤ وأَرْبَت على طاعة المسيح.

وقد حكيتم لنا أن موسى مَلَك جانباً كبيراً من الأرض وقاتل الجبابرة وجاهد العمالقة وأباد الفراعنة وقتل عوجاً مبارزة وواصل٥ / (٢/٩٨/أ) لله أربعين يوماً وأربعين ليلة لا يذوق طعاماً وابتلى بخلاف قومه وكثرة تلونهم وتعنتهم بالجهل المركوز في طباعهم فصبر عليهم ورفق بهم وساسهم وتلقى أوامر ربّه بصدر فسيح وباع رحيب. فلم يهب جباراً وإن عَظُم قَدْرُه ولا نكل عن عدوّ وإن تفاقم أمره. حتى فتح الشام ودوخ البلاد. ولما دنا حمامه وزمه٦


١ في ص: زاد "الله".
٢ في ص (العشرون) والصواب ما أثبتّه.
٣ تثنية ٣٤/٧.
٤ في م: وطاعته.
٥ في م: زاد: (من) .
٦ ليس في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>