للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المَدينَةَ. وكنتُ في أَهْلي. فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّرُ الأَخْبَارَ، وَأَسْأَلُ النَّاسَ حينَ قَدِمَ المَدِينَةَ حَتَّى قَدِمَ نَفرٌ مِنْ أَهْلي المدينةَ، فقلتُ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قدِم المدينةَ؟ فقالوا: النَّاسُ إِليهِ سِراعٌ وَقَدْ أَرَادَ قَوْمُه قَتْلَهُ، فَلَمْ يَستْطَيِعُوا ذلِكَ، فَقَدِمتُ المدينَةَ فَدَخَلتُ عليهِ، فقلتُ: يَا رسولَ اللَّه أَتَعرِفُني؟ قَالَ:"نَعم أَنتَ الَّذي لَقيتنَي بمكةَ"قَالَ: فقلتُ: يَا رَسُول اللَّه أَخْبرني عمَّا عَلَّمكَ اللَّه وَأَجْهَلُهُ، أَخبِرنْي عَنِ الصَّلاَةِ؟ قَالَ:"صَلِّ صَلاَةَ الصُّبحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَرتفَعِ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطلُعُ بَيْنَ قَرْنَي شَيْطَانٍ، وَحِينئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكفَّارُ، ثُمَّ صَل، فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورةٌ. حَتَّى يستقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمحِ، ثُمَّ اقْصُر عَنِ الصَّلاةِ، فإِنه حينئذٍ تُسجَرُ جَهَنَّمُ، فإِذا أَقبلَ الفَيء فصَلِّ، فإِنَّ الصَّلاةَ مَشهودةٌ مَحضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ العصرَ ثُمَّ اقْصُر عَنِ الصلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشمسُ، فإِنها تُغرُبُ بَيْنَ قَرنيْ شيطانٍ، وحينئذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفَّارُ".

قَالَ: فقلتُ: يَا نَبِيَّ اللَّه، فالوضوءُ حدثني عَنْهُ؟ فَقَالَ:"مَا منْكُمْ رجُل يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ، فَيَتَمَضْمضُ ويستنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ، إِلاَّ خَرَّتْ خطايَا وجههِ وفيهِ وخياشِيمِهِ. ثم إِذا غَسَلَ وجهَهُ كما أَمَرَهُ اللَّه إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا وجهِهِ مِنْ أَطرافِ لحْيَتِهِ مَعَ الماءِ. ثُمَّ يغسِل يديهِ إِلى المِرفَقَينِ إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنامِلِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَمْسحُ رَأْسَهُ، إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ من أَطرافِ شَعْرهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَغْسِل قَدَمَيهِ إِلى الكَعْبَيْنِ، إلاَّ خَرت خَطَايَا رِجْلَيه مِنْ أَنَامِلِهِ مَع الماءِ، فإِن هُوَ قامَ فصلَّى، فحمِدِ اللَّه تَعَالَى، وأَثْنَى عليهِ وَمجَّدَهُ بالَّذي هُوَ لَهُ أَهل، وَفَرَّغَ قلبه للَّه تَعَالَى. إِلا انصَرَفَ مِنْ خطيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يومَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".

فحدّثَ عَمرو بنُ عَبسةَ بهذا الحديثَ أَبَا أُمَامَة صاحِبِ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالَ لَهُ أَبُو أُمَامَة: يَا عَمْروُ بنُ عَبَسَةَ، انْظُر مَا تقولُ. في مقامٍ واحِدٍ يُعطى هَذَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ عَمْرو: يَا أَبَا أُمامةَ. لقد كِبرَتْ سِنِّي، ورَقَّ عَظمِي، وَاقْتَرَبَ أَجَلي، وَمَا بِي حَاجة أَنْ أَكذِبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرْتَيْن أَوْ ثَلاثاً، حَتَّى عَدَّ سبعَ مَراتٍ، مَا حَدَّثتُ أَبداً بِهِ، ولكنِّي سمِعتُهُ أَكثَرَ من ذلِكَ رواه مسلم.

قوله:"جُرَءَاءُ عليهِ قومُهُ": هُوَ بجيمٍ مضمومة وبالمد عَلَى وزنِ عُلماء، أَي: جاسِرُونَ مُستَطِيلونَ

<<  <   >  >>