للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صريح في أنه خلقهم على الحنيفية وأن الشياطين اجتالتهم بعد ذلك وكذلك في حديث الأسود بن سريع الذي رواه احمد وغيره قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية فأفضى بهم القتل إلى الذرية فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "ما حملكم على قتل الذرية قالوا يا رسول الله أليسوا أولاد المشركين قال أوليس خياركم أولاد المشركين ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال ألا إن كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه" فخطبته لهم بهذا الحديث عقيب نهيه لهم عن قتل أولاد المشركين وقوله لهم أو ليس خياركم أولاد المشركين نص أنه أراد بهم ولدوا غير كفار ثم الكفر طرأ بعد ذلك ولو أراد أن المولود حين يولد يكون إما مسلما وإما كافرا على ما سبق له به القدر لم يكن فيما ذكر حجة على ما قصد من نهيه عن قتل أولاد المشركين وقد ظن بعضهم أن معنى قوله أو ليس خياركم أولاد المشركين أنه قد يكون في علم الله أنهم لو بقوا لآمنوا فيكون النهي راجعا إلى هذا المعنى من التجويز وليس هذا معنى الحديث لكن معناه أن خياركم هم السابقون الأولون وهؤلاء من أولاد المشركين فإن آباءهم كانوا كفارا ثم أن البنين أسلموا بعد ذلك فلا يضر الطفل أن يكون من أولاد المشركين إذا كان مؤمنا فإن الله إنما يجزيه بعمله لا بعمل أبويه وهو سبحانه يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن كما يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.

فصل: وهذا الحديث قد روي بألفاظ تفسر بعضها بعضا ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما ينتج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة اقرؤوا: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} قالوا يا رسول الله أفرأيت من يموت صغيرا قال الله أعلم بما كانوا عاملين" وفي الصحيح قال الزهري: "نصلي على مولود يتوفى وإن كان من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام إذا استهل صارخا ولا نصلي على من لم يستهل من أجل أنه سقط" فإن أبا هريرة كان يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} " وفي الصحيحين من رواية الأعمش: "ما من مولود إلا وهو على الملة" وفي رواية ابن معاوية عنه: "إلا على هذه الملة" حتى يعرب عنه لسانه فهذا صريح بأنه يولد على ملة الإسلام كما فسره ابن شهاب راوي الحديث واستشهاد أبي هريرة بالآية يدل على ذلك قال ابن عبد البر وقد سئل ابن شهاب عن رجل عليه رقبة مؤمنة أيجزي أن يعتقه وهو رضيع قال نعم لأنه ولد على الفطرة وقال أبو عمر وقد ذكر النزاع في تفسير الحديث وقال آخرون الفطرة ها هنا الإسلام قالوا وهو المعروف عند عامة السلف أهل التأويل قد أجمعوا في تأويل قول الله عز وجل: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} قالوا فطرة الله دين الله الإسلام واحتجوا بقول أبي هريرة في هذا الحديث اقرؤا إن شئتم فطرة الله التي فطر الناس عليها وذكروا عن عكرمة ومجاهد والحسن وإبراهيم والضحاك وقتادة في قوله عز وجل: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} قالوا: "فطرة الله دين الله الإسلام لا تبديل لخلق الله قالوا لدين الله" واحتجوا بحديث محمد بن إسحاق عن ثور بن يزيد عن يحيى بن جابر عن عبد الرحمن بن عابد الأزدي عن عياض بن حماد المجاشعي أن رسول الله

<<  <   >  >>