للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العلية، وقع ذلك في حديث عبد الله بن عمر، وعند مسلم بلفظ "فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله" الحديث، ونحوه للبزار عن أبي هريرة، ويمكن ردها إلى الأول بأن الواصل إلى تلك المنزلة قريب من الله فتكون كالقربة التي يتوسل بها. اه‍

قال المؤلف: محمد بن عون الخراساني عن عكرمة، قال النسائي: متروك، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال عباس عن ابن معين: ليس بشيء، كذا في الميزان فلا تصلح روايته لأن يحتج بها على مسألة من مسائل الشرع، فليعلم.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة". رواه مسلم. قال النووي: وأما لغاته ففيه الوسيلة، وقد فسرها قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنها منزلة من الجنة" قال أهل اللغة: الوسيلة المنزلة عند الملك. اه‍.

وعن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال فيسقون. رواه البخاري، وقد نقلنا فيما تقدم رواية الزبير بن بكار التي فيها صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك من الفتح، فتذكر فإنها تفيد أن التوسل بالعباس رضي الله عنه إنما كان بدعائه لا بذاته.

وأيضاً قال في الفتح: وأخرج -يعني ابن الزبير بن بكار- أيضاً من طريق داود عن عطاء بن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس ابن عبد المطلب فذكر الحديث وفيه فخطب الناس عمر رضي الله عنه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله. وفيه فما برحوا حتى سقاهم الله. اهـ.

فتحصل من هذا كله أن التوسل في اللغة التقرب، والوسيلة هي ما يتقرب به إلى الشيء، ولم يجعل الشرع للتوسل حقيقة غير الحقيقة اللغوية، نعم جعل للوسيلة حقيقة

<<  <   >  >>