حيث استعمل في الآيتين بمعنى القربة باتفاق المفسرين، وفي الحديثين بمعنى أعلى منزلة في الجنة، ولا مرية في كون المعنى الأخير حقيقة شرعية، وأما كون المعنى الأول أي القربة حقيقة شرعية ففيه تأمل لا يخفى على من له أدنى تأمل، وبعد اللتيا والتي فالتوسل إلى الله تعالى على أنواع:
(أحدهما) التوسل بأسمائه تعالى وصفاته، وهو ثابت بالكتاب والسنة، قال الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} . وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأنك أن الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، فقال "دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب". رواه الترمذي وأبو داود كذا في المشكاة.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي وهو يصلي وهو يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت يا منان يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى". رواه أحمد واللفظ له وابن ماجه. ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم، وزاد هؤلاء الأربعة:"يا حي يا قيوم". وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. كذا في الترغيب والترهيب للمنذري.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أسألك باسمك الطاهر الطيب المبارك الأحب إليك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت وإذا استرحمت به رحمت وإذا استفرجت به فرجت" قال فقال يوماً: ياعائشة: "هل علمت أن الله قد دلني على الاسم الذي إذا دعي به أجاب". قالت فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله فعلمنيه، قال "إنه لا ينبغي لك يا عائشة". قالت فتنحيت وجلست ساعة ثم قمت فقبلت رأسه ثم قلت: يا رسول الله علمنيه، قال:"إنه لا ينبغي لك يا عائشة أن أعلمك، إنه لا ينبغي لك أن تسألي به شيئاً للدنيا" قالت فقمت فتوضأت