ثم صليت ركعتين، ثم قلت: اللهم إني أدعوك الله وأدعوك الرحمن وأدعوك البر الرحيم، وأدعوك بأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم أن تغفر لي وترحمني. قالت: فاستضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "إنه لفي الأسماء التي دعوت بها" رواه ابن ماجه.
و (الثاني) التوسل بالأعمال الصالحة، وهذا أيضاً ثابت بالكتاب والسنة الصحيحة، أما الكتاب فما تقدم ذكره من الآيتين اللتين فيهما ذكر الوسيلة، فإن المراد بها بإجماع المفسرين هي القربة، وفي قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . إشارة إلى ذلك، فإن العبادة قدمت على الاستعانة لكون الأولى وسيلة إلى الثانية، وتقديم الوسائل سبب لتحصيل المطالب وأدعى إلى الإجابة، كذا في البيضاوي وغيره يدل عليه قول الله تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} . والمعنى: استعينوا على حوائجكم وما تؤملون من خير الدنيا والآخرة إلى الله تعالى بالصبر والصلاة، حتى تجابوا إلى تحصيل المآرب وجبر المصائب، كذا في البيضاوي وغيره، وأخرج أحمد وأبو داود وابن جرير عن حذيفة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وأما السنة فما روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر، فمالوا إلى غاز في الجبل، فانحت على فم غارهم صخرة من الجبل فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها". الحديث متفق عليه، والحديث دال على أنه يستحب للإنسان أن يتوسل بصالح أعماله إلى الله تعالى، فإن هؤلاء فعلوه واستجيب لهم، وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في معرض الثناء عليهم، وجميل فضائلهم، لكن الثابت منه إنما هو توسل الشخص بأعمال نفسه لا بأعمال غيره من الأنبياء والصالحين، كما زعم الإمام الشوكاني رحمه الله.
و (الثالث) أن يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بتصديقه على الرسالة، والإيمان بماجاء به، طاعته في أمره ونبيه، ونصرته حياً وميتاً، ومعاداة من عاداه، ومولاة من ولاه، وإعظام حقه وتوقيره، وإحياء طريقته وسنته، وبث دعوته، ونشر شريعته، ونفي التهمة عنها واستشارة علومها، والتفقه في معانيها والدعاء إليها، والتلطف في تعلمها،