للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتعليمها وإعظامها وإجلالها، والتأدب عند قراءتها، والإمساك عن الكلام فيها بغير علم، وإجلال أهلها لانتسابهم إليها، والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه، ومحبته ومحبة أهل بيته وأصحابه ومجانبة من ابتدع في سنته أو تعرض لأحد من عترته وصحبه ودعاء الوسيلة له، والصبر على لأواء مهجره وشدته ونحو ذلك، وكذلك التوسل بالصالحين بمحبتهم وتوقيرهم وإجلالهم، وما يحذو حذوه.

وهذا التوسل هو عين دين الإسلام لا يجحده أحد من المسلمين، لكن هذا التوسل في الحقيقة هو التوسل بالأعمال الصالحة، وإن سماه أحد توسلاً بالأنبياء والصالحين فلا يتغير حكمه بهذه التسمية، فإن العبرة للمسمى والمعنون لا للاسم والعنوان.

(الرابع) التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حياته كفاحاً، وكذلك التوسل بدعاء الصالحين، ومنه قول عمر رضي الله عنه: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. ومنه قول أعرابي حين أصابت الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هلك المال وجاع العيال، فادع الله لنا، ومنها ما كانت الصحابة رضي الله عنهم من أن أحدهم متى صدر منه ما يقتضي التوبة جاء إليه، فقال: يا رسول الله فعلت كذا وكذا فاستغفر لي، وإليه الإشارة في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} . وهذا أيضاً مما لا نزاع فيه لأحد، وعليه يحمل حديث الضرير "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة" على تقدير ثبوته، أي بدعاء نبيك، ويدل عليه لفظ فقال "ادع الله" وقوله "اللهم شفعه فيّ".

(الخامس) أن يدعو الرب سبحانه بإضافته إلى عباده الصالحين، كما في حديث عائشة رضي الله عنها "اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل" المروي في صحيح مسلم. فلو قال أحد في دعائه: اللهم رب إبراهيم وموسى وعيسى وداود ومحمد -أو قال- اللهم رب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي -أو قال- اللهم رب فاطمة والحسن والحسين -أو قال- اللهم رب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد -أو قال- اللهم رب البخاري

<<  <   >  >>