و (السابع) أن يقول: اللهم أسألك بحق فلان عبدك أو بجاهه أو حرمته أو نحو ذلك، فعن العز بن عبد السلام ومن تابعه عدم الجواز إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم. وعند الحنابلة في أصح القولين أنه مكروه كراهة تحريم. ونقل القدوري وغيره من الحنفية عن أبي يوسف أنه قال قال أبو حنيفة رحمه الله: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به. وذكر العلائي في شرح التنوير عن التتار خانية عن أبي حنيفة أنه قال: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله سبحانه إلا به. وفي جميع متونهم أن قول الداعي المتوسل بحق الأنبياء والأولياء وبحق البيت والمشعر الحرام مكروه كراهة تحريم، وهي كالحرام في العقوبة بالنار عند محمد، وعللوا ذلك كلهم بقولهم: لأنه لا حق للمخلوق على الخالق.
قلت: قد ورد في حديث معاذ المتفق عليه قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ليس بني وبينه إلا مؤخرة الرحل فقال: "يا معاذ هل تدري ما حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال "فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً". فقد ثبت بهذا الحديث أن للمخلوق أيضاً حقاً على الله، فالتعليل المذكور فاسد، فإن أُوّلَ الحديث فليؤول بمثله قول الداعي المتوسل بحق الأنبياء والأولياء، ولكن مجرد ثبوت الحق للمخلوق على الخالق لا يقتضي جواز السؤال به، فالقول الفصل في ذلك الفصل أن السؤال بحق فلان إن ثبت بحديث صحيح أو حسن فلا وجه للمنع، وإن لم يثبت فهي بدعة، وقد عرفت فيما سلف أن كل حديث ورد في هذا الباب لا يخلو عن مقال ووهن، فالأحوط ترك هذه الألفاظ، وقد جعل الله في الأمر سعة، وعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم التوسل المشروع على هيئات متعددة كما تقدم، فلا ملجئ إلى الوقوع في مضيق الشبهات، فقد ورد في حديث نعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه". الحديث متفق عليه.
وأما ما قال الإمام الشوكاني من أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في