للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إذا دريت هذا فاعلم أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين ثابتة في الدنيا والآخرة، أما الشفاعة في الدنيا فقد قال الله تعالى في سورة النساء: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} .

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره تحت هذه الآية: يرشد تعالى العصاة والمذنبين –إذا وقع منهم الخطأ والعصيان- أن يأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيستغفروا الله عنده، ويسألوه أن يستغفر لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم. انتهى.

قال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي: وهذه كانت عادة الصحابة معه صلى الله عليه وسلم أن أحدهم متى صدر منه ما يقتضي التوبة جاء إليه فقال: يا رسول الله فعلت كذا وكذا فاستغفر لي. اهـ.

ويدل عليه ما روي عن كعب بن مالك في حديث طويل فيه: فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً، فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله تعالى. اهـ.

وقال تعالى في سورة آل عمران: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} وقال تعالى في سورة محمد: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} وقال تعالى في سورة الممتحنة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ –إلى قوله تعالى- فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وقال تعالى في سورة التوبة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}

قال الحافظ ابن كثير: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي ادع لهم واستغفر لهم كما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قوم صلى عليهم، فأتاه أبي بصدقته فقال: "اللهم صل على آل أبي أوفى ". اهـ.

وفي فتح البيان قال ابن عباس رضي الله عنهما: استغفر لهم من ذنوبهم التي كانوا

<<  <   >  >>