للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

النهاية: الهجرة في الأصل الاسم من الهجر ضد الوصل، وقد هجره هجراً وهجراناً، ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض وترك الأولى للثانية، وفي مجمع البحار: الهجرة في الأصل الاسم من الهجر ضد الوصل، ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض.

فقد علم من ههنا أنه لابد في معنى الهجرة من أمرين: (الأول) الخروج من أرض إلى أرض (والثاني) ترك الأولى للثانية، والخروج لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم في حياته يتحقق فيه الأمر الأول لا الثاني، ويدل على كون الأمرين معتبرين في معنى الهجرة أحاديث:

منها ما روى الشيخان عن جابر بن عبد الله أن أعرابياً بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أقلني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى. فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها".

ومنها ما روى مسلم عن جابر قال: جاء عبد فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة، ولم يشعر أنه عبد، فجاء سيده يريده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "بعنيه" فاشتراه بعبدين أسودين، ولم يبايع أحداً بعده حتى يسأله: أعبد هو أو حر؟

ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الهجرة فقال: "ويحك إن الهجرة شأنها شديد، فهل لك من إبل"؟ قال: نعم، قال "فتعطي صدقتها"؟ قال: نعم. قال "فهل تمنح منها"؟ قال: نعم. قال "فتحلبها يوم وردها "؟ قال: نعم. قال" فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئاً"١.

ومنها ما روى البخاري ومسلم عن العلاء بن الحضرمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاث للمهاجر بعد الصدر" ٢.

ومنها ما رواه البخاري عن سعد بن أبي وقاص قلت: يا رسول الله أخلف٣


١ يترك بكسر التاء أي لن ينقصك.
٢ الصدر بفتحتين: الرجوع، أي أن المهاجر بعد الرجوع من منى وانتهاء حجه له أن يلبث في مكة ثلاث ليال.
٣ بتشديد اللام، أصله أأخلف أي أتأخر؟

<<  <   >  >>