للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال تحت قوله تعالى في الزمر: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} : يعني المشركين، كانوا يعترفون بأن الله عز وجل هو الخالق للأشياء كلها ومع هذا يعبدون معه غيره ممن لا يملك لهم ضراً ولا نفعاً. اهـ.

وقال تحت قوله تعالى في الزخرف: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} يقول تعالى: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره: من خلق السموات والأرض؟ {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} أي ليعترفن بأن الخالق لذلك هو الله وحده لا شريك له، وهم مع هذا يعبدون معه غيره من الأصنام والأنداد. اهـ.

وقال تحت قوله تعالى فيه أيضاً: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} : أي ولئن سألت هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره: من خلقهم؟ {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ، أي هم يعترفون أنه الخالق للأشياء جميعها وحده لا شريك له في ذلك، ومع هذا يعبدون معه غيره ممن لا يملك شيئاً ولا يقدر على شيء، فهم في ذلك في غاية الجهل والسفاهة وسخافة العقل، ولهذا قال تعالى: {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} ؟ اهـ.

و (الاحتمال الثاني) : أن في الآية اختصاراً، والمقصود: ألست بربكم وإلهكم؟ يدل عليه أثر ابن عباس: إن الله مسح صلب آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وتكفل لهم بالأرزاق الحديث، وأثر أبي بن كعب في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية، قال: فجمعهم له يومئذ جميعاً ما هو كائن منه إلى يوم القيامة فجعلهم في صورهم ثم استنطقهم فتكلموا، وأخذ عليهم العهد والميثاق، وأشهدهم على أنفسهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الآية، قال: فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا، اعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري ولا تشركوا بي شيئاً، وإني لأرسل إليكم رسلي لينذروكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي، قالوا نشهد أنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك ولا إله لنا غيرك، فأقروا يومئذ بالطاعة، ذكر هذين الأثرين الحافظ بن كثير في تفسيره.

<<  <   >  >>