وقال أيضاً فيه: يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم وأنه لا إله إلا هو كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه. اهـ.
و (الاحتمال الثالث) : أن المراد بالرب المعبود، قال القرطبي: والرب المعبود، وعن عكرمة في تفسير قوله تعالى:{وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ} قال: يسجد بعضنا لبعض، كذا قال الحافظ ابن كثير في تفسيره وغيره، وقال الله تعالى في سورة التوبة:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} فالمراد بالأرباب في تلك الآية هم المعبودون، بدليل قوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} وكذلك فهم عدي بن حاتم رضي الله عنه وقرره النبي صلى الله عليه وسلم عليه، روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير من طرق عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فر إلى الشام وكان قد تنصر في الجاهلية، فأسرت أخته وجماعة من قومه، ثم من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عدي المدينة وكان رئيساً في قومه طيء: وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة وهو يقرأ هذه الآية:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال فقلت: إنهم لم يعبدوهم، فقال: بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم" الحديث.
وقوله١: ومن المعلوم أن من أقر لله بالربوبية فقد أقر له بالألوهية إذ ليس الرب غير الإله، بل هو الإله بعينه.
فيه أنه إن أراد أن مفهوم الرب عين مفهوم الإله فقد تبين بطلانه آنفاً فيما سلف، وإن أراد أن مصداقه عين مصداق الإله فهذا حق بحسب نفس الأمر واعتقاد