سرية وهي حامل فقتلوه وبقروا بطن سريته عن ولد، فبلغ علياً فخرج إليهم في الجيش الذي كان هيأه للخروج إلى الشام فأوقع بهم بالنهروان، ولم ينج منه إلا دون العشرة، ولا قتل ممن معه إلا نحو العشرة، فهذا ملخص أول أمرهم. اهـ.
وقال الحافظ في الفتح آخر كتاب التوحيد تحت قوله صلى الله عليه وسلم:"يخرج ناس من قبل المشرق": تقدم في كتاب الفتن أنهم الخوارج وبيان مبدأ أمرهم وما ورد فيهم، وكان ابتداء خروجهم في العراق وهي من جهة الشرق بالنسبة إلى مكة المشرفة. اهـ.
وأخرج البخاري عن بشير بن عمر، وقال: قلت لسهل بن حنيف: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئاً؟ قال سمعته يقول وأهوى بيده قبل العراق "يخرج منه قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية". وفي رواية لمسلم وأشار بيده نحو الشرق، وفي رواية قال:"يتيه قوم قبل المشرق محلقة رءوسهم".
قال الحافظ في الفتح: أخرج الطبراني في الأوسط بسند جيد من طريق الفرزدق الشاعر أنه سمع أبا هريرة وأبا سعيد وسألهما فقال: إني رجل من أهل الشرق وأن قوماً يخرجون علينا يقتلون من قال لا إله إلا الله ويؤمنون من سواهم، فقالا: سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتلهم فله أجر شهيد، ومن قتلوه فله أجر شهيد" اهـ. وفي رواية لمسلم عن أبي سعيد قال: قال أبو سعيد وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق.
فعلم من تلك الرويات أن الخوارج يخرجون من المشرق والعراق، وأن أهل العراق والشرق هم الذين يقتلونهم، وهذا يدل دلالة واضحة على أن جميع أهل العراق والمشرق ليس ممن تصدق عليهم هذه الأحاديث التي فيها ذكر الخوارج بل منهم من يقتلونهم، وكذلك المراد بنجد في حديث ابن عمر " هناك الزلازل والفتن" نجد العراق، قال بعض المحققين: وأما قوله صلى الله عليه وسلم لما قيل له وفي نجدنا "تلك موضع الزلازل والفتن وهنا يطلع قرن الشيطان" فالمقصود بها نجد العراق وشرق المدينة، وقد ورد ذلك صريحاً في حديث ابن عمر ونص عليه الخطابي وغيره، وقد ترك الدعاء للعراق جملة بل وذمها.