ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد فقال:"ماعندك يا ثمامة"؟ قال عندي ما قلت لك فقال:"أطلقوا ثمامة" فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟ قال: لا والله ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم، أخرج البخاري تلك الأحاديث في صحيحه.
قوله "فبشره" قال الحافظ في الفتح: أي بخيري الدنيا والآخرة، أو بشره بالجنة أو بمحو ذنوبه وتبعاته السابقة. اهـ.
فلو لم يكن في أهل نجد خير ما غزا قبل نجد، فإن العزو المقصود منه بالذات إسلام أهله، وما قبل الإسلام ثمامة بن أثال ولم يبشره بخيري الدنيا والآخرة أو بالجنة أو بمحو ذنبوه وتبعاته السابقة.
وأخرج البخاري ومسلم عن طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خمس صلوات في اليوم والليلة" فقال هل علي غيرها؟ قال:"لا إلا أن تطوع" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وصيام رمضان" قال هل علي غيره؟ قال:"لا إلا أن تطوع" قال وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال:"لا إلا أن تطوع" قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفلح إن صدق". اهـ.
فهذا الرجل من أهل نجد بشره صلى الله عليه وسلم بالفلاح -وقد وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجد قرن المنازل كما وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة ولأهل اليمن