عن أبي هريرة "لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء" ١ وقد وقع هكذا، فإن كثيراً من أهل الحديث من أبناء فارس، وإذا أمكن نيل جماعة من أهل فارس -الذين هم في الخيرية أدون من أهل نجد التي هي من العرب وشرهم أزيد من شر أهل نجد- الإيمانَ، فما ظنك بأهل نجد؟
وجملة القول أن ورود مدح قبيلة أو موضع في الحديث لا يقتضي خيرية أفراده وجميع سكانه، وكذلك ورود ذم قبيلة أو موضع في الحديث لا يقتضي شرية جميع أفراده وجميع سكانه، ألا ترى أن خيرية قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار والأسد والأشعرين والأزد وحمير وذم عصية وبني تميم وبني أسد وبني عبد الله بن غطفان وبني عامر بن صعصعة وربيعة ومضر وثقيف وبني حنيفة وبني أمية، قد ورد في الأحاديث مع أن الأول قد جاءت منها أشرار أيضاً، والأخر قد جاءت منها أخيار أيضاً.
وكذلك قد ورد مدح اليمن وأهله وذم المشرق والعراق وأهلها مع أن الأسود العنسي قد نشأ في اليمن وكثير من أهل الحديث من المشرق والعراق، وهذا لا يخفى على من له أدنى إلمام بفن التاريخ والرجال، وحسبك من خيرية مضر كون النبي صلى الله عليه وسلم من مضر.
أخرج البخاري عن ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم زينب ابنة أبي سلمة قال قلت لها: أرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أكان من مضر؟ قالت فممن كان إلا من مضر من بني النضر بن كنانة اهـ. وحسبك من خيرية ربيعة قول النبي صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم "من القوم -أو من الوفد؟ - قالوا ربيعة، قال "مرحباً بالقوم –أو بالوفد– غير خزايا ولا ندامى" فقالوا يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة، الحديث أخرجه البخاري من حديث ابن عباس.
١ الإشارة إلى الفرس لأنه صلى الله عليه وسلم قال هذا ويده على سلمان الفارسي رضي الله عنه كما في الصحيحين.