أوسع لي، لك العتبى حتى ترضى، أعوذ بنور وجهك أن ينزل بي سخطك أو يحل بي غضبك، فاستأذنه الملك عند ذلك فقال: بل أتاني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده ولا يشرك به شيئاً.
إذا عرفت هذا فشيخنا ليس من بني حنيفة أصلاً، والقصد بيان كلام الصديق وما أريد به. اهـ.
ثم قال: ثم لو فرض أن من بني حنيفة عالماً يدعو إلى الله تعالى، فما وجه عيبه وذمه بقومه، وقد خالفهم في الإيمان والدين؟ وسلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال ابن أبي رباح من أفضل الناس، وأسلافهم من شر الناس، بل والرسل أفضل الخلق وأكرمهم على الله تعالى والمكذبون لهم من قومهم أكثر من المستجيبين، وابن نوح على أبيه السلام لم ينتفع بإيمان أبيه ورسالته، ولم ينل بذلك ما يوجب سعادته وفلاحه، وهذا المعترض جاهلي الدين والمعرفة والمذهب اهـ.
وقال في موضع آخر: وهل عاب الله ورسوله أحداً من المسلمين أو غيرهم ببلده ووطنه وكونه فارسياً أو زنجياً أو مصرياً من بلاد فرعون ومحل كفره وسلطته، وعكرمة بن أبي جهل من أفاضل الصحابة وأبوه فرعون هذه الأمة، ومن العجب أن يقول في المؤمنين {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} . وهو كما ترى من أكثف الناس حجاباً وأغلظهم ذهناً يعيب من زكاهم الله ورسوله بالإيمان به، ومتابعة رسوله ببلاد قد كفر فيها بالله وعبد معه غيره، وهو يعلم أن بلاد الخليل إبراهيم حران دار الصائبة المشركين عباد النجوم، ودار يوسف دار فرعون الكافر اللعين، وسكنها موسى بعده وأكابر بني إسرائيل، وكذلك مكة المشرفة سكنها المشركون وعلقوا الأصنام على الكعبة المشرفة، وأخرجوا نبيهم وقاتلوه المرة بعد المرة، أفيستحل مؤمن أو عاقل أو جاهل أن يلمز أحداً من المهاجرين أو من مسلمة الفتح أو من بعدهم من المؤمنين بما سلف في مكة من الشرك بالله رب العالمين. اهـ.
قوله: وفي حديث ذكره في (مشكاة المصابيح) سيكون في آخر الزمان قوم يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم.