للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول: هذه الآية لم تنزل في بني تميم بل في أفضل الأمة أبي بكر وعمر، أخرج البخاري عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخيران أن يهلكا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم فأشار أحدهما بالأقرع ابن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر قال نافع لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} . الآية، قال ابن الزبير: فما كان عمر يُسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر. اهـ.

فإن كان نزول هذه الآية موجباً لذم من نزلت فيه كما زعم المؤلف لزم ذم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، أعاذنا الله منه١.

قوله: قال السيد العلوي الحداد المذكور آنفاً: إن الذي ورد في بني حنيفة وفي ذم تميم ووائل شيء كثير.

أقول: قد تقدم ما ورد في ذم بني تميم والجواب عليه وما ورد في مدحهم، وأما بنو حنيفة فقد ورد فيهم حديث عمران بن حصين قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكره ثلاثة أحياء: ثقيفاً، وبني حنيفة، وبني أمية، رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وهذا لا يقتضي ذم جميع بني حنيفة، ألا ترى إلى ثمامة بن أثال الذي مر حديثه فيما تقدم بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيري الدنيا والآخرة أو الجنة أو بمحو ذنوبه وهو رجل من بني حنيفة، وأما وائل فلم يذكر المؤلف في ذمهم شيئاً ولم أقف عليه.

قوله: وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كنت في مبدأ الرسالة أعرض نفسي على القبائل في كل موسم ولم يجبني أحد جواباً أقبح وأخبث من رد بني حنيفة".


١ بل الآية تدل على فضل من نزلت فيهم، إذ شرفتهم بخطاب الله لهم وشهادته لهم بالإيمان، وتأديب الله لهم شرف عظيم. وكتبه محمد رشد رضا.

<<  <   >  >>