والمشهورين بالخير فيستغيثون ويندبون ويسألونهم المدد ويستحثونهم على كشف المصائب، ويتداولون بينهم حكايات، وينسبون إليهم كرامات، ويحكون في محافلهم خرافات من أفحش المنكرات فيقولون فلان استغاث بفلان. فسارع إلى إغاثته!. وفلان شكا لصاحب ذلك القبر حاله فأغاثه وكشف عنه ضره. وفلان شكا إليه حاجته فأزال عنه فقره. وأمثال هذا الهذيان المليء بالزور والبهتان.
ويصدر هذا الكلام في ذلك البلاد وهي مملؤة بالعلماء وذوي التحقيق والعرفان، ويبقى ذلك المنكر لا يزال بل ربما تنشرح له صدورهم.
وأما ما يفعل في بلدان اليمن من الشرك والفتن، فأكثر من أن يستقصى - فمن ذلك ما يفعله أهل شرقي صنعاء بقبر يسمى الهادي، كانوا يغدون عليه جميعاً ويروحون يدعونه ويستغيثون به، فتأتيه المرأة إذا تعسر حملها أو كانت عقيماً فتقول عنده كلمة عظيمة قبيحة - فسبحان من لا يعاجل بالمعاقبة على الذنوب.
وأما أهل برع فعندهم البرعي، وهو رجل يرحل إلى دعوته كل دان وقاص، ويؤتى إليه من مسيرة أيام وليال لطلب الإغاثة وشكاية الحال، ويقيمون عند قبره للزيارة ويتقربون إليه بالذبائح، كما حقق أخباره من شاهدها.
وأما أهل الهجرية: فعندهم قبر يسمى علوان وقد أقبل عليه العامة في نوائب الزمان واستغاث به منهم كل لهفان ويسميه غوغاؤهم منجي الغارقين، وأغلب أهل البر والبحر منهم يطربون عند سماع ذكره