للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسكن، وما بقي لديه سوى الإيمان القوي بصحة عقيدة السلف الصالح وحسن الظن بالله تعالى والثقة به سبحانه وأنه سيجعل له فرجاً ومخرجاً وأن الله سينصر دينه ويعلي كلمته. وكأني بالشيخ في حالته تلك قد ترك الناس وهو محتاج أحوج ما يكون من أجل الله ليس لديه منعة من أَتباع وجنود، ولا حمية من عشيرة أو حلف، ولا غيرهم من أَصدقاء وأصحاب ونحوهم، ومع هذا كله مضى ثابتاً على عقيدته وإيمانه بأن الله تعالى سوف يجعل له وللمؤمنين فرجاً ومخرجاً وإِن غاب عنه ذلك، ولم يفكر في استرضاء الأمير، والإبقاء على أي حظ من حظوظ النفس البشرية بالتنازل عن هذه العقيدة، أو المهادنة فيها طلباً للراحة والإبقاء على شيء من حظوظ النفس ورغباتها، ولو إلى أن تحين الفرصة كما يتحين المتربصون، بل مضى في سبيل الله عليه من الله الرحمة، والإيمان زاده، الإيمان القوي بعزيمة الواثق بموعود الله وحده في الغيب، وبصيرة من ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم، وما جرى عليه من أذى قومه وطرد ثقيف له من الطائف وغير ذلك، لا يطلب غايته العظيمة وعوض ما فقده في سبيل الله إلا من الله تعالى وحده، وهو الله الأحد الصمد الَّذي لايخيب من رجاه لقد سار من العيينة إلى الدرعية يمشي راجلا ليس معه إلا مروحة من خوص النخل في غاية الحر في فصل الصيف، لايلتفت عن طريقه، ويَلْهجُ بقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} ، ويلهج بالتسبيح: سبحان الله والحمد لله، ولاإله

<<  <  ج: ص:  >  >>