للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما حكم الشرع في هذا النوع من الإرهاب، فإنَّه هو التحريم مطلقًا، ذلك لأنَّ هذا الترويع يعد خروجًا على الإمام وافتئاتًا على حقِّه، فإقامة شرع الله وحماية الدين وصيانة البيضة من صلاحيَّات واختصاصات الإمام، ومن وظائفه التي حدَّدها الشرع وأمره بالقيام بها، فإن قصر دونه، فإنَّه سيسأل عنه يوم القيامة، ولن يسأل الأفراد يوم القيامة عن هذا الجانب، وليس من مسؤوليات الأفراد أو الجماعات حمل الإمام على ذلك بطريق القوَّة والعنف الذي ينتج عنه تخويف وترويع الآمنين بأمان الدين وأمان الدار، وإنَّما واجب الأفراد والجماعات النصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامَّتهم (١) ، وشتَّان ما بين النصح لولي الأمر وبين ترويع الآمنين وتخويفهم من أجل إرغام الإمام على القيام بهذا الواجب.

ويندرج هذا النوع من الإرهاب في المنظور الإسلامي ضمن دائرة البغي والخروج والشغب الذي ورد النهي عنه في الشرع، وخاصَّة إذا كانت المسألة تحتمل أوجهًا مختلفةً، وكان قصور الإمام عن القيام بهذا الواجب عائدًا إلى أسباب زمنيَّة وظروفٍ مكانيَّة وغير ذلك.


(١) سأل مسلمة بن زيد الجعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله: أرأيت إن قامت علينا أمراء سألونا حقَّهم ومنعونا حقَّنا، فما تأمرنا؟ فأعرض ثم سأله في الثانية أو الثالثة، فجذبه الأشعث بن قيس، وقال: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم «، صحيح مسلم بشرح النووي، ج١٢، ص ٢٣٦. وفي الحديث:» إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالو يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: تؤدُّون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم «صحيح مسلم بشرح النووي، ج١٢، ص ١٣٢. وفي الحديث:» الدين النصيحة: قلنا لمن؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم «، صحيح مسلم بشرح النووي، ج٢، ص ٣٧.

<<  <   >  >>