للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتلك الجماعة والمصر والاستيطان فمَن رآه دليلاً اشترطها، ومنهم مَن رجّح بعضها دون بعضٍ واشترطه في المرجّح لا غير، وبعضهم لم يرها دليلاً، ورجع في الاشتراط والوجوب إلى أدلّة أخرى لعموم الجماعة في سائر الصّلوات، ولقائل أن يقول: لو كانت هذه الأحوال شروطاً في صحّة الصّلاة لما جاز أن يسكت عنها رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، ولا أن يترك بيانها لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ، [النّحل، من الآية: ٤٤] .هذا ما يحضرنِي، فإن رأيت خللاً فلا جناح عليك في إصلاحه. والسّلام.

- ٨ -

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ما قولكم ـ سدّد الله أقوالكم ـ فيمَن يدعو المسلم؛ لأمّه مع معرفة أبيه، هل يسوغ ذلك أو لا؟

وما قولكم في الاستئذان هل يسوغ تركه إذا كان في المجلس من الرّجال الأجانب مَن قد أذن له أو لا بدّ من الاستئذان والحالة هذه؟

فالجواب: أنّ الله جلّ ذكره قال في شأن زيد بن حارثة ـ رضي الله عنه ـ لما دعاه النّاس: زيد بن محمّد: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} ، [الأحزاب، من الآيتين: ٤-٥] .وهذه الآية الكريمة دلّت على وجوب دعاء الرّجل لأبيه، فإن جهل فيدعى بالإخوة الإسلامية أو بمولى فلان أو آل فلان، ولم يذكر قسماً رابعاً، وهو دعاؤه إلى أمّه، ونسبة الرّجل إلى أمّه تأنف منه العرب وأهل المروءة فضلاً عن أهل العلم والدِّين لما في ذلك من غمط والده والتّنويه بأمّه بين الأجانب وما ظننت عاقلاً يرضى هذا، ويستحسنه فضلاً عن أن ينكر على مَن كرهه ونهى عنه. والآية وإن كانت نصّاً في دعوة الرّجل إلى مَن تبنّاه، غير أبيه

<<  <   >  >>