(الجواب) : إن أهل هذه البلدة المذكورين إذا كانوا قد قامت عليهم الحجة التي يكفر من خالفها، حكمهم حكم الكفار؛ والمسلم الذي بين أظهرهم ولا يمكنه إظهار دينه، تجب عليه الهجرة إذا لم يكن ممن عذَره الله. فإن لم يهاجر فحكمه حكمهم في القتل، وأخذ المال. والسامعون كلام الشيخ في قوله: إنا لا نكفر بالعموم، فالفرق بين العموم والخصوص ظاهر، فالتكفير بالعموم أن يُكَفّرُ الناس كلهم، عالمهم وجاهلهم، ومن قامت عليه الحجة، ومن لم تقم عليه؛ وأما التكفير بالخصوص فهو أن لا يُكَفّرَ إلا من قامت عليه الحجة بالرسالة التي يُكَفّرُ مَنْ خالفها. وقد يُحْكَم بأن أهل هذه القرية كفار حكمهم حكم الكفار؛ ولا يحكم بأن كل فرد منهم كافر بعينه؛ لأنه يحتمل أن يكون منهم من هو على الإسلام معذور في ترك الهجرة، أو يظهر دينه، ولا يعلمه المسلمون، كما قال –تعالى- في أهل مكة في حال كفرهم:{وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الآية [الفتح من الآية: ٢٥] .
وقال- تعالى-: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} الآية [النّساء من الآية: ٧٥] ، وفي الصحيح عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كنت أنا، وأمي من المستضعفين.
وأما أهل القرية الذين عاهدوا على الإسلام، ولم يهدموا القباب، ولم يعادوا ولم يوالوا، وفيهم رجلان، أو ثلاثة يدّعون التوحيد، فاعلم- رحمك الله -أن مجرد العهد على الإسلام لا يكون الرجل به مسلما حتى يعمل بما عاهد عليه من توحيد الله، والتبري من الشرك وأهله، وإقامة الصلوات الخمس في أوقاتها بشروطها وأركانها، وأداء الزكاة المفروضة، والإيمان بجميع ما جاء به