للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام؛ فإنه لم يكن أحد منهم إذا نزلت به ترة، أو عرضت له حاجة، أو نزلت به كربة وشدة، يقول لميت: يا سيدي فلان حسبك، أو اقض حاجتي، أو أنا مستشفع بك إلى ربي، كما يقوله بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين.

ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، ولا بغيره من الأنبياء، لا عند قبورهم، ولا إذا بعدوا عنها، ولا كانوا يقصدون قبورهم للدعاء والصلاة عندها.

ولهذا ثبت في الصحيح أن الناس لما قحطوا في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى بالعباس، وتوسل بدعائه، وقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك إذا أجدبنا بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا! فيسقون، وكذلك معاوية رضي الله عنه لما استسقى بأهل الشام توسل بيزيد بن الأسود الجرشي.

فهذا الذي ذكره عمر رضي الله عنه توسل منهم بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته في حياته؛ ولهذا توسل بعده بدعاء العباس، وتوسل معاوية بدعاء يزيد بن الأسود؛ وهذا الذي ذكره الفقهاء في كتاب الاستسقاء، وقالوا يستحب أن يستسقى بالصالحين، وإذا كانوا من أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أفضل.

سؤال الميت قضاء حاجته

وهذه الأمور المبتدعة عند القبور أنواع: أبعدها عن الشرع: من يسأل الميت حاجته كما يفعله كثير من الناس، وهؤلاء من جنس عباد الأصنام؛ وقد قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء من الآيتين: ٥٦-٥٧] .قالت طائفة من السلف: كان أقوام يدعون الملائكة، والمسيح، وعزيرا، فقال الله لهم: هؤلاء

<<  <   >  >>