للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويروى أبو محمد اليمني رواية ثالثة في قصة إخراج الجعد من دمشق فيقول: (فبان له [أي هشام بن عبد الملك] بعض زندقته فنفاه إلى البصرة وكان عليها إذ ذاك خالد بن عبد الله القسري فرفع إليه خبره في يوم الأضحى ... ) ١ وذكر قصة ذبحه. والراويات التاريخية تذكر أن للجعد نشاطاً بالبصرة وبالكوفة، فممن أشار إلى نشر الجعد لبدعته بالبصرة الدارمي حيث قال: (كان أول من أظهر شيئاً منه [أي التكذيب بكلام الله] بعد كفار قريش الجعد بن درهم بالبصرة، وجهم بخراسان إقتداءاً بكفار قريش، فقتل الله جهماً شر قتلة. وأما الجعد فأخذه خالد بن عبد الله القسري، فذبحه ذبحاً بواسط يوم الأضحى، على رؤوس من شهد العيد معه من المسلمين، ولا يعيبه به عائب، ولا يطعن عليه طاعن بل استحسنوا ذلك من فعله، وصوبوه من رأيه) ٢ فالشاهد قوله إنه "أظهره بالبصرة".

وأما عن نشاطه في الكوفة فقد تقدم قول ابن كثير: (فهرب من دمشق وسكن الكوفة ومنه تعلم الجهم بالكوفة خلق القرآن.)

فالذي يستنتج من تلك الروايات أن الجعد كان يتردد بين الكوفة والبصرة، لكن تبقى مسألة نفيه محل النظر فمثل هذه المسألة لا يكون حلها بالنفي، إلا أن يكون المقصود بالنفي السجن، وبالتالي إذا كان هذا هو المراد فإن هذه الرواية تتفق مع رواية ابن الأثير.


١- عقائد الثلاث والسبعين فرقة ١/٢٨٧.
٢- الرد على الجهمية ص٧.

<<  <   >  >>