للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً. ثم نزل فذبحه في أصل المنبر فكان ضَحِيَّةً، ثم طفئت تلك البدعة فكانت كأنها حصاة رمي بها، والناس إذ ذاك عنق واحد أن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه موصوف بصفات الكمال ونعوت الجلال وأنه كلم عبده ورسوله موسى تكليماً وتجلى للجبل فجعله دكاً هشيماً)

"مرحلة الجهم بن صفوان"

ثم ظهر بهذا المذهب الجهم بن صفوان٢ الذي أخذ عن الجعد بن درهم مقالة التعطيل عندما التقى به بالكوفة٣ والجهم هو الذي نشر ذلك المذهب وتكلم عليه فبسطه وطراه ودعا إليه، وامتاز عن شيخه الجعد بمزية المبالغة في النفي وكثرة إظهار ذلك والدعوة إليه، نظراً لما كان عليه من سلاطة في اللسان، وكثرة الجدل والمراء.

فهو صاحب ذلك المذهب الخبيث الذي اشتهر بنسبته إليه والذي صار به مذهباً، فلم يزل هو يدعو إليه الرجال، وامرأته "زهرة" تدعو إليه النساء، حتى استهويا به خلقاً من خلق الله كثيراً.

وكانت فتنته بالمشرق، فهناك بسطت ومهدت ثم سارت في البلاد٤

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ثم ظهر جهم بن صفوان من ناحية المشرق من ترمذ، ومنها ظهر رأي جهم. ولهذا كان علماء السنة والحديث بالمشرق أكثر


١- الصواعق المرسلة ٣/١٠٧٠-١٠٧٢
٢- منهاج السنة ١/٣٠٩.
٣- مختصر تاريخ دمشق ٦/٥٠، البداية ٩/٣٥٠.
٤- ذم الكلام للهروي ص٣٠٥.

<<  <   >  >>