للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فابتدع ابن كلاب مسلكاً خاصاً به، حاول أن يلفق فيه بين النصوص الشرعية والنظريات الكلامية، فأنشأ في المسألة ما يعرف "بمذهب الصفاتية" فأصبح قولاً ثالثاً في المسألة بينما كان الأمر في السابق يتنازعه فريقان "المثبتة" وهم أهل السنة والجماعة. و "النفاة" وهم الجهمية والمعتزلة والنجارية والضرارية.١

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (كان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين:

فأهل السنة والجماعة يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها.

والجهمية من المعتزلة وغيرهم تنكر هذا وهذا.

فأثبت ابن كلاب قيام الصفات اللازمة به، ونفى أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها. ووافقه على ذلك أبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري وغيرهما.

وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه ثم قيل عن الحارث: إنه رجع عن قوله.٢

فهذا النهج الذي أحدثه ابن كلاب هو ما صار يعرف فيما بعد بمنهج "متكلمة الصفاتية" لأن ابن كلاب كان في طريقته يميل إلى مذهب أهل الحديث والسنة، لكن كان في طريقته نوع من البدعة، لكونه أثبت قيام الصفات بذات الله، ولم يثبت قيام الأمور الاختيارية بذاته.


١- درء تعارض العقل والنقل ٢/٦.
٢- درء تعارض العقل والنقل ٢/١.

<<  <   >  >>