للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى السلف من الأشعري.١

ولكن هذا النهج الكلابي ابتعد شيئاً فشيئاً عن منهج السلف، وأصبح يقرب أكثر فأكثر إلى نهج المعتزلة وذلك على يد وارثيه من الأشاعرة.

فابن كلاب كما أسلفنا كان أقرب إلى السلف من أبي الحسن الأشعري، وأبو الحسن الأشعري أقرب إلى السلف من القاضي أبي بكر الباقلاني، والقاضي أبو بكر وأمثاله أقرب إلى السلف من أبي المعالي الجويني وأتباعه.٢

ولهذا يوجد في كلام الرازي والغزالي ونحوهما من الفلسفة مالا يوجد في كلام أبي المعالي الجويني وذويه. ويوجد في كلام الرازي والغزالي والجويني من مذهب النفاة المعتزلة ما لا يوجد في كلام أبي الحسن الأشعري وقدماء أصحابه. ويوجد في كلام أبي الحسن الأشعري من النفي الذي أخذه من المعتزلة ما لا يوجد في كلام أبي محمد بن كلاب الذي أخذ أبو الحسن طريقه.

ويوجد في كلام ابن كلاب من النفي الذي قارب فيه المعتزلة ما لا بوجد في كلام أهل الحديث والسنة والسلف والأئمة وإذا كان الغلط شبراً صار في الأتباع ذراعاً ثم باعاً حتى آل إلى هذا المآل والسعيد من لزم السنة.٣

وقد تلاشت الكلابية كفرقة، لكن أفكارها حملت بواسطة الأشاعرة، فقد احتفظ الأشعري وقدماء أصحابه بأفكار الكلابية ونشروها، وبذلك اندرست المدرسة الكلابية الأقدم تاريخاً والأسبق ظهوراً في الأشعرية.


١- مجموع الفتاوى ١٢/٢٠٢،٢٠٣.
٢- مجموع الفتاوى ١٢/٢٠٣.
٣- بغية المرتاد ص٤٥١.

<<  <   >  >>