للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الاستطراد والابتعاد عن أصل المعنى الذي شرع فيه. أمَّا كتاب"غريب الحديث"للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي (١) المتوفى سنة ٣٨٨هـ، فقد كان يورد الحديث، ثمَّ يتبعه بسنده، ثمَّ يفسر غريبه، ويؤيد تفسيره بحديث آخر أو بآية كريمة أو بشعر عربي فصيح، وحاول أن يستدرك على الكتب التي تقدَّمته. وقد بدأ بتفسير أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- فالصحابة فالتابعين، وألْحَقَ بها مقطعات من الحديث لم يجد لها في الرواية سنداً، وختم الكتاب بإصلاح ألفاظ من مشاهير الحديث يرويها عوامُّ النقلة. يقول في مقدمته (٢) : "ثم إنَّه لمَّا كَثُر نظري في الحديث، وطالت مجالستي أهلَه، وجدت ألفاظاً غريبة، لا أصل لها في كتابَيْ أبي عبيد وابن قتيبة، ولم أزَلْ أتَتَبَّعُ مظانَّها وألتقطُ آحادها، وأضمُّ نشرها، حتى اجتمع منها ما أحبَّ اللهُ أن يوفق له، ونحوتُ نَحْوَهما في الوضع والترتيب".

ثمَّ يأتي كتابُ"الغريبين"لأبي عبيد أحمد بن محمد العبدي الهَرَوِيّ (٣) المتوفى سنة ٤٠١هـ، وهو أحد مصدرَيْن أفادَ منهما ابنُ الأثير في"النهاية". وقد بدأ بتفسير غريب القرآن، ثمَّ ثنَّى بغريب الحديث وآثار الصحابة والتابعين، وكان ينقل كثيراً عن أئمة الحديث واللغة قبله، وعُني بالأسانيد، وكان يأخذ من الحديث اللفظة الغريبة فيفسرها. فإن اشتمل الحديث على أكثر من كلمة غريبة فرَّق الألفاظ على المواد، ثمَّ مضى يفسِّر كل غريب في مكانه. وقد رتَّبَه


(١) انظر في ترجمته: وفيات الأعيان: ٢/ ٢١٤، سير أعلام النبلاء: ١٧ / ٢٣، وبغية الوعاة: ١/ ٥٤٦.
(٢) غريب الحديث: ١/ ٤٦.
(٣) انظر في ترجمته: سير أعلام النبلاء: ١٧ / ١٤٦، طبقات الشافعية للسبكي: ٤ / ٨٤، البغية: ١/ ٣٧١.

<<  <   >  >>