للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا الخاصُّ فهو: ما ورد فيه من الألفاظ اللغوية والكلمات الغريبة التي لا يعرفها إلا من عُني بها، فكان الاهتمام بمعرفة هذا النوع الخاص من الألفاظ أهمَّ ممَّا سواه، إذ الحاجة إليه ضروريةٌ في البيان.

ثم يقسم معرفة هذا الخاص إلى معرفة ذاته وصفاته (١) . أما ذاته فهي معرفة وزن الكلمة وضبطها، وتأليف حروفها؛ لئلا يتبدلَ حرفٌ بحرف أو بناءٌ ببناء، وهذه المعرفة استقلَّ بها علماء اللغة. وأماصفاته فهي معرفةُ حركاته وإعرابه ونحو ذلك؛ لئلا تختلَّ المعاني التي يكون فَهْمُ الحديث مبنياً عليها، وهذه المعرفة استقلَّ بها علماء النحو والتصريف.

ثمّ يبيّن المؤلف في مقدمته أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أفصح العرب لساناً وأعرفهم بمواقع الخطاب، وكان في موقع العناية الربانيَّة، وكان يخاطب العرب على اختلاف قبائلهم وبطونهم، كلاً منهم بما يفهمون، فكأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- قد أعلمه ما لم يكن يَعْلَمُه غيرُه، وكان أصحابه يعرفون أكثر ما يقوله، وما جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم.

واستمر عصره (٢) -صلى الله عليه وسلم- إلى حين وفاته على هذا السنن، ثم جاء العصر الثاني -وهو عصر الصحابة- جارياً على هذا النمط، فكان اللسان العربي عندهم صحيحاً، لا يتطرَّق إليه الزَّلَلُ، إلى أن فُتِحت الأمصار، وخالط العربُ غيرَ جنسهم من الأمم، فامتزجت الألسن، ونشأ بينهم الأولاد، فتعلَّموا من اللسان العربي مالا بُدَّ لهم في الخطاب منه، وتركوا ما


(١) النهاية: ١ / ٤.
(٢) النهاية: ١ / ٤.

<<  <   >  >>