للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أحدهم ينفرد عن غيره بكبير حديث لم يذكره الآخر" (١) . واستمرت الحال إلى زمن أبي عبيد القاسم بن سلام الذي وضع كتاباً مهماً في هذا العلم"لِما حواه من الأحاديث والآثار الكثيرة والمعاني اللطيفة والفوائد الجمَّة" (٢) .

ثم يتحدث المؤلف عن كتاب "غريب الحديث" لأبي محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري فيقول: "ولم يُودِعْه شيئاً من الأحاديث المودعة في كتاب أبي عبيد إلا مادَعَتْ إليه حاجة من زيادةِ شرحٍ وبيان أو استدراك أو اعتراض".

ثم يشير إلى كتاب إبراهيم بن إسحاق الذي"بسط القول وشرح، واستقصى الأحاديث بطرق أسانيدها وأطاله بذكر متونها وألفاظها".

وكثرت المصنفات بعد ذلك، فأدلى أهل اللغة بدَلْوهم، من أمثال شَمِر ابن حَمْدَوَيْه، وثعلب، والمبرد، والأنباري، والزاهد، وغيرهم. إلى أن جاء الإمام أبو سليمان حَمْد بن محمد الخطَّابي البُسْتي الذي سلك منهج أبي عبيد وابن قتيبة، وأضاف إلى أقوالهما المزيد.

ويرى ابن الأثير (٣) أنَّ هذه الكتب الثلاثة هي المعوَّل عليها. بيد أنَّه ينتقد منهج التأليف في هذا العلم، ويوضِّح حاجته إلى تيسير تناوله بالترتيب المعجمي: "إلا أنها وغيرها لم يكن فيها كتاب صُنِّف مرتباً ومُقفَّى، يرجع الإنسان عند طلب الحديث إليه إلا كتابُ الحربيِّ، وهو على طوله وعُسْر ترتيبه لا يوجد الحديث فيه إلا بعد عَناء، مع ما فيه من كون الحديث


(١) النهاية: ١ / ٦.
(٢) النهاية: ١ / ٦.
(٣) النهاية: ١ / ٧.

<<  <   >  >>