للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي الحديث (١) : "البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا". يقول: "اختلف الناس في التفرُّقِ الذي يصحُّ، ويَلْزَمُ البيعُ بوجوبه، فقيل: هو التفرُّق بالأبدان، وإليه ذهب معظم الأئمة والفقهاء، وبه قال الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ومالك وغيرُهما: إذا تعاقدا صَحَّ البيعُ، وإن لم يتفرَّقا، وظاهر الحديث يشهد للقول الأول".

وفي الحديث (٢) : "لا تجوز شهادةُ بدويّ على صاحب قرية". يقول: "إنما كره شهادةَ البدويِّ لما فيه من الجفاء في الدين، والجهالة بأحكام الشرع، ولأنّهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها. وإليه ذهب مالك، والناسُ على خلافهِ".

٦ ـ وابن الأثير نحويٌّ متمكن من علوم العربية، وقد ترك مؤلفات ذائعةَ الصيت في هذا الباب، منها كتابه المطبوع"البديع". ونجد في"نهايته"بصماتٍ واضحةً لكثيرٍ من التخريجات النحوية والأعاريبِ التي يسجِّلها على شواهده من الغريب الذي يتتبَّعُه، ممَّا يَدُلُّ على استيعابه جوانبَ الخدمة المطلوبة للحديث، وممَّا يدلُّ على فقهه الواسع بعلوم العربية وأدواتها.

ومن شواهدِ المسائل النحوية في"النهاية"قوله في الحديث (٣) "فهذا أوانُ قَطَعَتْ أَبْهَري": "يجوز في"أوان"الضمُّ والفتح، فالضمُّ لأنه خبر المبتدأ، والفتحُ على البناء، لإضافته إلى مبني كقوله:

على حينَ عاتبتُ المشيبَ على الصِّبا ... وقلتُ ألمَّا تَصْحُ والشيبُ وازعُ


(١) النهاية: ٣ / ٤٣٨.
(٢) النهاية: ١ / ١٠٩.
(٣) النهاية: ١ / ١٨.

<<  <   >  >>