للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الطويل الذِّراع ولا يُطيق طاقَتَه، فَضَرَبَ مثلاً للذي سقطَتْ قوتُه دون بلوغ الأمر".

٧ ـ ويُعنى ابن الأثير بعرض احتمالات تصريف مادة الغريب، ووجه اشتقاقها. ففي الحديث (١) : "كلُّ مالٍ أدَّيْتَ زكاته فقد ذهبتْ أَبَلَتُه"ويُروى"وَبَلَتُه". يقول: "الأَبَلَةُ: الثِّقَلُ والطَّلِبة. وقيل: هو من الوَبال. فإن كان من الأول فقد قُلِبت همزتُه في الرواية الثانية واواً، وإن كان من الثاني فقد قلبت واوُه في الرواية الأولى همزةً".

وقد يذكر اللغات الأخرى في الغريب، ففي الأثر (٢) : "إنما هو أَتِيٌّ فينا". يقول": أي غريب، يقال: رجل أَتِيٌّ وأَتاوِيٌّ".

وابن الأثير حَلْقة من منظومة علمية ذات شأوٍ بعيدٍ في علم غريب الحديث. ومن الطبيعي؛ أن تتبايَنَ الآراءُ في تأصيل مادة غريب الحديث، سواءً في مفردات هذا الغريب أو دلالاتِه. وقد كان قبل ابن الأثير مصنفون كبار أَدْلَوا بدلائهم في هذا العلم، فكان يتتبَّعُ أقوالَهم بالنقد والتمحيص.

ففي حديث هرقل (٣) : "فمشى قيصر إلى إيلياءَ لمَّا أبلاه الله تعالى". يقول: "قال القتبيُّ: يُقال من الخير: أَبْليته أُبْلِيه إبلاءً. ومن الشر بَلَوْتُه أَبْلُوه بلاءً، والمعروف أنَّ الابتلاء يكون في الخير والشر معاً، من غير فَرْقٍ بين فعلَيْهما، ومنه قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء الآية: ٣٥] .


(١) النهاية: ١ / ١٥.
(٢) النهاية: ١ / ٢١.
(٣) النهاية: ١ / ١٥٥.

<<  <   >  >>